نادية السالمي
عبث هذا الجهد الذي نبذله وسنظل نبذله أمام ما نواجه من مشاكل لا نقدم فيها ولا نؤخر إلا طوافنا حول الخطأ وكلما أكملنا شوطًا، كبرنا نحو الصواب!
أخطاؤنا المتكررة نبتت لها سبابة تُشير بها نحو الصواب لكننا نتجاهل أو ربما نتعمّد التجاهل والاستمرار في اجترار الأخطاء القديمة وما ينتج عنها من أضرار متفاقمة على الفرد والمجتمع!
مظهر فناء المدرسة بعد الفسحة، وكميات النفايات الملقاة على الأرض، وبجانبها الصناديق المخصصة للنفايات الخاوية والتي لا تشكوى إلا من نظافتها، ومنظر جدران المدرسة المشوهة بحروف لا تليق بالمدرسة، ولا تعاليم الدين الإسلامي، وتقاليد المجتمع المحافظ، هذه المشاهد ومشاهد أخرى أكثر منها خزيًا وعارًا تنبئ عن مستقبل صفحات الكُتب التي افترشت أحد الشوارع أمام مدرسة في تبوك..فلم العجب؟!. وما ذنب المدير المعفى؟!
الانتقام من الكتب طبيعي جدًا:
نظامنا التعليمي يورّط المعلم والمعلمة بالجمود والتقوقع داخل التعاميم والمناهج، ويسجن الطالب والطالبة داخل قضبان الكتاب وما إن ينهي المقرر ويتحرر من اختباره حتى ينهال عليه الجميع ليحطم قيده ويهرب! والحمد لله أن الانتقام ما زال متوقفًا عند تمزيق الكتاب وتشويه جدران المدرسة وتحطيم الكراسي والأبواب ولم يصل لطاقم التدريس والإدارة.
نعم هذه التصرفات تدل على السلوك السيئ وقلة الوعي بأهمية الكتاب، وقيمةالنظافة، والجهل بمدى ما تتحمّل الدولة من تكاليف لتوفير البيئة التي تظن أنها المناسبة للدراسة، لكن كل هذا لا يعفي الوزارة ولا نظامها من المسؤولية التي تريد أن ترميها على كاهل مدير المدرسة الذي تنتهي صلاحياته بخروج الطالب من بوابة المدرسة.
صلاح الطالب بصلاح المعلم المربي
على الوزارة أن تتصالح مع المعلم فتهبه ما يحتاج من حقوق وصلاحية، والوزارة تعرف هذه الحقوق وتعرف مدى أهميتها للمعلمة والمعلم وتتجاهلها ابتداءً من تأهيل المعلم الكفؤ بالتدريب وتوفير البيئة المناسبة له، وانتهاءً بزيادة وعي الطلاب بأهمية المعلم ومكانته، وبالتالي بدوره يتصالح المعلم مع الطالب، فيدرك أنه يبني إنسانًا ويعزِّز سلوكًا وينمي قدرات ويطور مواهب، وقبل هذا وذاك يتصالح المعلم مع نفسه ومبادئه، فيبدو أمام طلابه أقل تناقضًا فمن غير المعقول أن ينهى المعلم الطالب عن خلق ويأتي بمثله، كترك التدخين، والعناية بالنظافة والمظهر، واحترام المواعيد وتقدير مشاعر الآخرين!
«إصلاح التعليم في السعودية» بين سعة التنظير وضيق التطبيق:
يعرف وزير التعليم أكثر مما أعرف عن التعليم والسبل لإصلاحه، وكل مواطن بوده لو يصارحنا وزير التعليم الدكتور «أحمد العيسى» ويخرج للرأي العام موضحًا الأسباب التي تمنعه من تطبيق ما ورد في كتابه الشهير «إصلاح التعليم في السعودية» هل البيروقراطية هي من يقف حائلًا؟ هل سلطته محدودة وهناك من يتعمد في الوزارة تعثره؟ هل الوزارة تعاني من قلة الكوادر التعليمية أو ضعف الكوادر أمام مهمة الإصلاح أو أن ميزانية التعليم لا تكفي للإصلاح المنشود؟! هذه الأسئلة لا يستطيع الإجابة عليها إلا وزير التعليم وستظل قائمة مادامت الناس تعرف أن مؤلف الكتاب الذي يتحدث عن إصلاح التعليم تولى وزارة التعليم، وبقيت أطروحات كتابه معلقة على مشجب مجهول!