حينما تخطط لكتابة أثرك في فكرة او قصيدة أو على ورقة طائرة مع الريح تتساءل ولماذا تكتبها في الأصل لكنك مشوش في الأعماق من تلك الاخبار اليومية والهاشتاقات التي تتصفحها وتشغلك بهمها واهتمامها وتفاهة عباراتها التي تجيد استعمال الكلمات الجارحة بسوقية بليغة.
تحاول تنظيف اذنيك من وقع بعض الكلمات وصوتها الذي يهزك كليا، لاتقولوا بأن الكلمات ليس صوتا اذا لم تنطق بل إن صوتها يسمع ويحس ويرى. كل الكلمات حواس ناطقة ومتحركة وآسرة جدا.
الكلمات كالبشر ولها منطقها ولها لسانها بل إنها أكثر تعبيرا منهم عنهم. إنها لاتنام ولاتستريح، تسهر وتحيا دقائقها ولحظاتها في ذات الفرد وكيانه.
أتوقف عند بعض الكلمات لأستمع إلى دقاتها العميقة في روحي قبل أذني إنها تحفر في العمق وتنفض الوجدان لقوة وقعها وتأثيرها .إن من يفتقد الشعور بالكلمات في حاجة إلى إعادة تهذيب ذاتيته وحواسه ، ويبحث في داخله عن ذلك الخلل الذي قتل شعوره بالكلمات وتأثيرها فيه ، بالتأكيد أن هناك خللا جعل منه شخصا لامباليا تجاه ما يقرأ ويسمع ويرى كذلك، هذا النوع من التبلد حدث في لحظة قديمة محبطة ومخيبة للآمال والمعنويات ومعانيها والأفكار بكل قياساتها ماجعل هناك فوضى وتشويشا عميقا أحدث شروخه وهدم بعض النواحي الحسية في ذات الشخص وأطفأ مؤشراتها تجاه المعنى المرتبط باللغة وحساسيتها وقيمتها. ولهذا ضريبته النفسية التي تضعف حالة المشاركة التي ترتبط في عصر الصورة بالمشهد المتآز مع المعنى من خلال الكلام وهما من يجسدان الفكر ولغزه الذي يتراكم في زمنية تتمرن على ممارسة لاشعورية تتحول الى شعور مستمرة بفعل الزمان.
إنما نحن في هذا الوقت التقني بعض تغريدات ووسوم وأغان ومشاهد أضحت تشكل موائدنا اليومية نجتمع على قصصها وكلماتها وتعليقاتها تغذي حوارتنا وتأكل أمسياتنا وصباحاتنا أيضا.
- هدى الدغفق