سلمان بن محمد العُمري
ما زلت أتابع وبتقدير وإعجاب الخطوات التطويرية والإصلاحات التنظيمية والإدارية والفنية في مرافق القضاء؛ وما تقوم به الجهات المعنية في الأمر وخاصة وزارة العدل، ومن ذلك تطبيق الإجراءات الإلكترونية المتميزة في كتابات العدل وبعض المحاكم، فالنقلة الإلكترونية في مرفق القضاء تستحق الذكر والإشادة، والأحكام الصادرة عن محاكم التنفيذ حفظت حقوق الناس وقضت على مماطلة المتقاعسين وأجبرتهم على السداد وعدم التأخير خوفاً من الإيقاف الفوري للخدمات وما يتبع ذلك من الحجر على الممتلكات ووقف الحسابات.
ومن القرارات المباركة والحميدة لهذه الوزارة ما وجه به معالي وزير العدل مؤخراً بإنشاء لجنة تتولى تنفيذ ما صدر عن قرار المجلس الأعلى للقضاء الذي قضى بدمج عدد من المحاكم وتعديل التبعية القضائية للمراكز، بحيث يتم إلغاء بعض المحاكم الصغيرة في القرى والمراكز، وبهذا القرار يتم توفير الوقت والجهد والمال، فالمباني المستأجرة مكلفة مع تجهيزات الصيانة والتشغيل. وفي هذه المحاكم وجد أن القاضي لا ينظر فيها سوى قضية واحدة في الشهر، وبتطبيق هذا القرار سيتم إعادة توزيع القضاة على المحاكم الكبيرة الأخرى بما يساعد - بإذن الله - على عدم التأخر في النظر في القضايا، وغلق المحاكم الصغيرة أفضل ويستفاد من وقت أصحاب الفضيلة القضاة بأقرب مدينة، يضاف لذلك أن كثيراً من الخدمات العدلية أصبحت إلكترونية فلم يعد الحاجة إلى مراجعة المحكمة ضرورياً قياساً بالماضي.
كما أن هذا الإجراء سيسهم في سرعة النظر في القضايا المعروضة لدى المحاكم الرئيسة في المدن والمحافظات، فالكوادر القضائية والموظفين في المراكز الصغيرة سينتقلون للعمل في المحاكم الرئيسة ويكون ذلك علاجاً لقلة القضاة، ولاسيما بعض المحاكم وخاصة الكبيرة لا يتناسب كثرة العمل مع عدد القضاة، وبالتالي يحصل تأخير وتباعد في المواعيد، مع ما يقوم به بعض المدعى عليهم من المماطلة والتفنن في تكرار الجلسات بحسب ما يجده من ثغرات في نظام المرافعات، والقضاة والمحامون أدرى الناس بذلك.
وإن مما يتذمر منه أصحاب القضايا والحقوق هو المواعيد وتباعدها والمماطلة في القضايا من بعض القضاة أكثر من مماطلة المدعى عليهم،
وربما تكون كلمة (مماطلة) صعبة والأنسب أن يقال (تأجيل)، فالمحصلة واحدة على المتضرر ولا مشاحة في المصطلحات، وقد يعذر القضاة في بعضه دون بعض، فحينما يتلكأ المدعى عليه في قضية مالية قد تضرر منها المدعي ثم يضرب لهم القاضي موعداً بعد ستة أشهر، فلماذا هذا التسويف والتأجيل الطويل، فالأوراق وغيرها لا يتطلب تأمينها وإحضارها هذا الوقت الطويل، وهناك قضايا منظورة قد تمتد لجلسات عدة ومتباعدة، والأدهى والأمر حينما يحضر الخصوم ويتغيب القاضي، وقد أورد أحد المتضررين أنه سافر لمحكمة في منطقة تبعد عن موقع سكناه 800 كلم وحينما وصل وفقاً للموعد المقرر مسبقاً أفادوه بعدم وجود القاضي؟!
إن دمج المحاكم يؤمل منه الخير الكثير فقد افتتحت محاكم كما افتتحت بلديات ومرافق حكومية دونما تخطيط بل تقدير لوجاهات بعض الأهالي ومطالباتهم، وهناك مدارس هي الأخرى في قرى يمكن جمع طلابها في فصل واحد وغير ذلك. فليت الوزارات تحذو حذو وزارة العدل في دراسة مدى الحاجة للفروع وما تقدمه من خدمات.