د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
رائد نأينا عنه وظل قريباً، لكنها ذاكرة الشخوص لدينا تعرف المتصدرين وتنأى عن المستترين، ولو كانوا ذوي عطاء، ولو أن حقهم الوفاء.
قبل قرابة ستين عاماً (1375هـ) أصدر مجلة ثم جريدة «الخليج العربي» في الوقت الذي أصدر فيه الأستاذ سعد البواردي مجلته (الإشعاع)، وسابقاً الشيخ عبد الله بن خميس في إصدار مجلة (الجزيرة 1379هـ)، وظل حفياً بها ثم توقفت متزامنة وتالية وسابقة لما توقف من صحف ومجلات في فترة مخاض إعلامي جديد تراوح بين الفردنة والمأسسة، والتقييد والانطلاق، وغابت الخليج وبقي شيخنا في الساحة الثقافية كاتباً ومعداً ومشاركاً في المنتديات والأمسيات.
لم يصدر من الخليج المجلة سوى ستة أعداد، واستمرت الجريدة ستة أعوام، وعانى الكثير في سبيل بقائها، واضطر لطباعتها في الرياض وأعانه الدكتور حمود البدر، ثم في جدة وما تبع ذلك من إجراءات لتسويقها وبيعها وشحنها، وكان قد ابتدأ من الدمام في مطابع الأستاذ خالد الفرج -رحمه الله.
اختلف مع الشيخ عبد الله بلخير حول قوانين الصحافة وآفاقها، ثم باع الجريدة ومطبعتها التي استوردها من أجل المعلنين واستأجر لها قبو بلدية الخبر، وكان عليه أن يسدد ديونه وينهي علاقة مهنية، لكنه الزمن يجور على ذوي المهنة وإن لم يهنوا ومهما حزنوا.
درس في معهد الأحساء العلمي خلال إدارة الشيخ ابن خميس له، وتولى سكرتارية مجلة «هجر»، وأسهم في الكتابة لمجلات الهدف البغدادية والسمير الأمريكية والقلم الجديد الأردنية، وصار عَلَماً في بني قومه يحمل لقب «الأستاذ» بعدما صار مدرساً بشهادته المتوسطة بشفاعة من معتمد التعليم في الأحساء إذ ذاك الشيخ عبدالعزيز التركي.
هادئ ومتواضع، ولا يخاطبك -حين يصل بينكما ود- باستعراض تاريخه وإنجازاته، بل لا يكاد يبين عن نتاجه، ويكفيه أن يجد إقبالاً ويلقى استقبالاً، وهو مسلك نادر في زمن «الأنويات» التي تفتش عن مقال أو ادعاء نضال لتمطر الأنواءَ والأضواءَ ولو لم نر غير الكلام يتبعه الكلام.
الأستاذ عبدالله أحمد شباط (1353هـ - المبرز «الأحساء») عمل معلماً ثلاثة أعوام فصحفياً ثم سكرتيراً للمجلس البلدي في الدمام فرئيساً لبلديات المنطقة المحايدة حتى ترك العمل الحكومي وتفرغ لأعماله الخاصة، ووجد وقتاً للكتابة والتأليف.
يروي سبب تركه العمل في وكالة وزارة الداخلية لشؤون البلديات بشفافية نادرة؛ فقد كتب في الثقافية (العدد 108؛ 1426هـ - 2005م).
«فُصلت من الوظيفة لأنني اتهمت بالاختلاس من أموال الدولة مبلغاً يقرب من ثلاثة آلاف ريال على مدى خمس سنوات بالاشتراك مع آخرين، وهي حجة تذرع بها المسؤولون في وكالة وزارة الداخلية لشؤون البلديات لأنني قد وجهت انتقاداً للوكالة في جريدة اليمامة فيما يتعلق بمؤتمرات رؤساء البلديات التي يفاجئون بها دون استعداد أو تحضير».
له من التآليف: أدباء من الخليج العربي، أبو العتاهية، الخبر، أحاديث بلدتي القديمة، من آفاق الخليج العربي، صفحات من تاريخ الأحساء، حمدونة، الفقيه الشاعر عبد الله آل عبد القادر، شاعر الخليج العربي خالد محمد الفرج، النهضة الأدبية في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية.
كرم الأستاذ شباط مع الكبار: الجاسر وابن خميس والتويجري وآخرين في مركز الأمير سلمان الاجتماعي، وكان الممضي أدناه مدير اللقاء، ولعله التواجه الأوحد بينهما إلا من مهاتفات قليلة ليعترف أنه المقصر بحق أستاذه وأستاذ أجيال سبقته ولحقته، وموقعه التقدير في المحافل الثقافية القريبة القادمة؛ فأكثر من نصف قرن عطاء تستحق ما يوازيها احتفاء.
التأسيس قدر الطليعيين.
- مقال سبق نشره في زاوية الكاتب (إمضاء)