رقية سليمان الهويريني
قد أتخيل! أو هكذا يبدو لي، حينما أستشعر حقيقة رمضان. أتخيل أن تغلق مطابخنا ونكتفي بوجبة خفيفة، ليرتاح الجسد ويهدأ المكان بفعل روحانية الزمان.
وهذه الأمنية تراودني منذ زمن طويل، ولكنني ككل المسلمين لا أغلق المطبخ، ولم أكتفِ بتمرة أو تمرتين وشربة ماء. والمؤلم أن الأمر لم يقف عند الإفطار بطبق أو طبقين بل الاستنفار والتجهيزات في كل مكان! وأحسب ألا سوقاً تموينياً إلا وقد عرض كل ما لديه من مأكولات ومشروبات، وحتى محلات الأجهزة الكهربائية والمفروشات والأجهزة الإلكترونية والملابس والسيارات!
ولو سألني شخص غير مسلم عن حالة الاستنفار وتلك التجهيزات والفرحة العارمة بدخول شهر رمضان؛ لسمّعت له ما حفظته من أن شهر رمضان هو شهر الصيام عن الأكل والشرب، وشهر تلاوة القرآن وقيام الليل، وكف الأذى والعمل الجاد ومجاهدة النفس. إلا أنني سأرى في تعابير وجهه عدة أسئلة:
السؤال الأول: شهر الصيام يعني اختصار الوجبات والتقليل من الأكل والشرب، ولكن الناس مستنفرة لجمع أكبر كميات من المأكولات والمشروبات، وقضاء جزء من اليوم بالطبخ وتجهيز الوجبات! بل والاستعانة بالمزيد من الخدم لسد النقص في جهد أفراد الأسرة ومعاناة غسل الأواني والأطباق الهائلة! فأين معنى الصيام في ذلك؟!
أما السؤال الثاني: شهر رمضان توقف تام عن الأكل نهاراً مما يعني حالة من التعب والاجهاد بعد الإفطار وحاجة الجسم للراحة، ولكن الملاحظ كثرة الزيارات ليلاً، واستمرار فتح أبواب المحلات التجارية حتى الفجر وكذلك المطاعم تعمل طيلة الليل، فما تفسير أن يكون رمضانكم صوماً في النهار وقياماً في الليل؟
والسؤال الثالث: ما أسمع عنه في شهر رمضان هو الانقطاع عن الملذات الدنيوية والتقرب إلى الله والتأمل وقراءة القرآن؛ بينما أرى تلفزيونات المسلمين لا تنشط إلا في رمضان، ولا تعرض أفضل مسلسلاتها وبرامجها إلا في هذا الشهر، فما هو التفسير المنطقي لهذا؟
وفي الواقع، إما أن يكون هذا الشخص متحاملاً على المسلمين، أو أننا مخطئون في تفسير وتطبيق معاني ديننا الإسلامي السامية، ومن يستطيع الإجابة عن أسئلته أكون شاكرة له.
كل رمضان والمسلمون لربهم أقرب، ولدينهم أكثر استشعاراً وتطبيقاً، ليكونوا بخير وسمو وسلام!