سامى اليوسف
فيتالي سيديوك هو مراسل تلفزيوني من مواطني أوكرانيا اعتاد ملاحقة المشاهير، أفعاله غريبة وتصرفاته مريبة وحمقاء.
تكشف وكالة الأنباء «رويترز» أبرزها، من بينها توجيه لكمة قوية للممثل الأمريكي براد بيت أثناء قيامه بالتوقيع للمعجبين في لوس انجليس، تسلّل إلى البساط الأحمر في مهرجان كان السينمائي ودخل تحت ثوب الممثلة أمريكا فيريرا أثناء وقوفها أمام عدسات المصورين.
ومن بين أفعاله الغريبة أنه جثا على ركبتيه لتطويق الممثل الأمريكي ليوناردو دي كابريو من خصره خلال مهرجان سانتا باربرا السينمائي واقتحم خشبة المسرح بينما كانت المغنية أديل تتسلّم جائزة جرامي.
بعض تصرفاته تجد ردة فعل متساوية وغرابتها، فقد تلقى سيديوك صفعة من الممثل ويل سميث بعد أن قبله في حفل بموسكو.
ارتكب آخر حماقاته، قبل نحو 12 يوماً عندما قفز إلى خشبة المسرح خلال مسابقة يوروفيجن الغنائية في كييف متشحاً بعلم أستراليا قبل أن يخلع بنطاله ويكشف عن مؤخرته بينما كانت المغنية جامالا تؤدي أغنيتها.
سيديوك يبرر «هباله» بقوله أنه صحفي مستفز! وهو في الواقع يبحث عن الشهرة في مواقع التواصل الاجتماعي. وزير الداخلية الأوكراني أرسين أفاكوف، في موقف حازم، أعلن أن سيديوك ربما يواجه عقوبة تتراوح من الغرامة إلى السجن خمس سنوات في اتهامات بالشغب.
السؤال: كم لدينا في إعلامنا ووسطنا الرياضي من «سيديوك»؟ وهل نصل إلى مرحلة المطالبة بالكشف على سلامة القوى العقلية لبعضهم قبل منحهم الصلاحيات؟!
للأسف أن بعض المنتسبين عنوةً أو مجاملةً أو نزولاً بـ»البراشوت» على الإعلام، وخاصة صاحبة الجلالة ذات السلطة الرابعة «الصحافة»، يمارسون حماقات ليل نهار عبر ظهورهم الفضائي أو مواقع التواصل الاجتماعي لا تقل عن التصرفات الغريبة لذلك المراسل الأوكراني إذا وضعنا في القياس فارق المجتمعين السعودي والأوكراني من حيث المحافظة والتنشئة المشبعة بالقيم الأخلاقية المستمدة من شريعتنا السمحة.
بخلاف الألفاظ والإسقاطات البذيئة والعنصرية، البعض لم يتورع عن تخوين جهاز الأمن دون وازع من المسؤولية وإن عدت إلى سيرته تجد أنه كان مسؤول تحرير «حارس بوابة» في يوم ما في إحدى المطبوعات، وآخر يطالب النشء بالاقتداء بسلوكيات لاعب تورط بتعاطي المنشطات بل ويبرر بـ» قصة الفكس» الشهيرة على الرغم أنه من خلال برنامجه يلعب دور «حارس البوابة»، وثالث «يدعشن» بتغريدة، متفاعلاً مع جملة «اجلللد يالذيب» في مدونة «تويتر»، لاعبين وحكام بسبب خسارة فريقه، واثنان من المهرجين يتبادلان الردح على الهواء بجمل على غرار «تخسي» دون أن نعرف ما هي معايير إجازتهم كإعلاميين، ومذيع حسابه التويتري بالملايين يصف من يختلف مع رأيه بـ»العنز الجرباء»، وقبلهم مسؤول وزميل له من حملة الشهادات العليا يقذفان بالتهم عبر «تويتر» دون تثبت أو مراعاة لكبر سنه، أو مكانته كمحاضر يقرأ له ويتابعه طلبته الذين كانوا يتوسمون فيه الحكمة والرزانة، متهمين مؤسسة رياضية بالخيانة بسبب أن فريقهم خسر على الرغم من أن منافسه استحق اللقب بشهادة الخبراء والمختصين.
أما مايقع في «سناب شات» من بعض المنتسبين للوسط الرياضي سواء لاعبين أو إعلاميين أو إداريين فحدث ولا حرج، كمية «هبال» لا تغني ولا تسمن من جوع!
لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي، ومن أبرزها «سناب شات» و»تويتر» كشفت لنا عقولاً، وفضحت نوايا، وعرت فكرًا لأناس كنّا نظنهم «أعقل»، الله يهدي الجميع.
في رأيي، أن النماذج التي ذكرتها ترجع لسببين الأول هو التعصب «أبو الأمراض»، والثاني حالة الصدمة الحضارية التي لم يستوعبها البعض في التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي فهو لم يستوعب بعد أن ما يقوله يلاقي رواجاً سريعاً، وربما شهرةً عطفاً على تداول مقاطعه، وحجم ردود الفعل كل ذلك إن كان تعليمه، أو ثقافته، وتنشئته لا تقف على أرض صلبة سيغريه بارتكاب المزيد من الحماقات أو الممارسات التي تثير الضحك أولاً ثم الاستهجان.
أتمنى أن يتعامل رواد مواقع التواصل الاجتماعي على أساس أنهم سفراء لوالديهم، وأسرهم، وقبيلتهم، وبلدهم لزرع روح المسؤولية والاحترام لكل من سبق ذكره في هذا السطر قبل أن يكتبوا، أو يبثوا مقاطعهم، وقصصهم. فهم المرآة العاكسة لتربيتهم، وبيوتهم.
والأهم، أن «تفلتر» المؤسسات الإعلامية وتعيد تقييم المنتسبين لها، وتسعى بجدية لتطوير ثقافتهم الإعلامية خاصة أولئك الذين لم يدرسوا الإعلام ويقرأوا في مبادئه ونظرياته، وأرجو أن تتصدى الجهات المسؤولة للتجاوزات بعقوبات مغلظة تصل إلى إشراك المتجاوزين في جلسات أو أنشطة تتعلق بالمسؤولية الاجتماعية، وإعادة تأهيلهم كمواطنين صالحين.
فاصلة
عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت». رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.