رمضان جريدي العنزي
التملق مرض اجتماعي وأخلاقي، وفعل مذموم، وعمل مشين، وهو مجرد لهاث وراء المصلحة الذاتية، والمنفعة الشخصية البحتة، بلا تعب ولا جهد ولا مشقة، والمتملقون لهم مطامع ذاتية يودون تحقيقها بأيسر الطرق وأسرعها وإن تذللوا وباعوا المبادئ والسلوك والكرامة والعزة والقيم، فهم فاقدين لقدرات الإبداع والتميز، أشخاص انتهازيون يريدون الوصول والكسب بسرعة فائقة، هدفهم التسلق والارتقاء على حساب الآخرين المميزين أصحاب الكفاءات والتألق، يكثرون من المديح والتبجيل والتجليل، كذباً وزيفاً ونفاقاَ، ويسعون لتوطيد العلاقات مع الأشخاص المهمين ذوي الجاه والسلطة والمال لقضاء حوائجهم ومطامعهم الشخصية فقط، شخصياتهم مهزوزة، وثقتهم بأنفسهم معدومة، فنفوسهم الدنيئة الرخوة الضعيفة المعدومة اعتادت على نيل ما تريد بالملق والتمسكن والتذلل والبهتان، منطقهم «تمسكن حتى تتمكن» بعيداً عن مبادئ الرجولة والشخصية السوية، المتملقون يجيدون التسلق بحرفية مهنية عالية الدقة، وفق سلوكيات وأدبيات منافية للحال والمنطق والواقع، لهم حيل وأحابيل وأفخاخ وطرق ملتوية يجيدون العمل بها ومعها، ولهم قرابين يجيدون نحرها وسلخها في مذابح مبادئهم المعوجة واللانبيلة، لهم طقوس وطرق ومكر وخدع، تجعل منهم أوراق توت تتهاوى لتسفر عن وجوههم القبيحة، وأفعالهم المشينة، وأخلاقهم الضحلة، إن أولى الخطوات لتطهير المجتمعات منهم، والقضاء على دائهم البشع، واقتلاعهم من جذورهم، وإبادة جراثيمهم المقيتة، وفيروساتهم المتعفنة، هو الرقي بوعي الناس، تجاه هؤلاء، وصقل مفاهيمهم ومداركهم، وتدريب حواسهم، والارتقاء بفطنتهم وذكائهم ليكونوا قادرين على كشف أنماط هؤلاء المتملقين وتعريتهم والتنبيه منهم، ليكلا ينشأ جيل يتربى على التملق الفاضح، والهياط الباذخ، والنفاق البغيض، فيصابون بهذا الداء اللعين الذي يشبه مرض نقص المناعة، ومن ثم يفقدون الحصانة والشفاء، علينا أن نتكاتف جميعاَ لنزيح هذا الخطر الداهم قبل أن يستشري، إن المتملقين هم أصل الفشل، ورأس التخلف، لأنهم يعملون للباطل، وليس للحق، إن علينا لكي تستمر الحياة كريمة نظيفة نقية، تنشئة النشء القادم على مبادئ الحق والعزة والأنفة والكرامة، واعتماد ثقافة الصدق والشفافية في القول والعمل، بعيداً عن موبقات التملق، وعفن النفاق، ومستنقع الرياء.