د. عبدالرحمن الشلاش
في حضرة الملك سلمان يجب عليك أن تتصرف حسب الأصول المرعية مهما كان مركزك أو مكانتك أو مستواك، وسواء كنت كبيرًا أو صغيرًا لا فرق. أكثر من موقف منه -حفظه الله- شاهدناه لا يجامل المخطئ، بل إنه يستثمر الموقف ليوجه ويرشد ويصحح. يبلغ الرسالة بطريقة تفيد الجميع من منطلق أنه قدوة للجميع عرفوا عنه الحزم والعزم.
في قمم الرياض وفي حضرة الرئيس الأمريكي ترامب أراد الملك سلمان أن يوضح لترامب كيفية تناول القهوة العربية عندما أخذ الفنجان باليد اليسرى أن القهوة تشرب باليد اليمنى فبادر السيد الرئيس وباحترام كبير لوضع الفنجال في اليد اليمنى وكذلك فعلت عقيلته التي تقف عن يمينه، وردد السيد ترامب أن القهوة بالفعل تشرب باليد اليمنى دائمًا في إشارة لمعرفته المسبقة بالأمر لكنه نسي فذكره الملك سلمان بطريقة جميلة ورائعة تليق بضيف البلاد الكبير.
هذا موقف واحد من مواقف كثيرة تركت انطباعات لدى الناس عن قائد هذه البلاد ودقته ووقوفه الدائم إلى جانب دعم القيم وتقويتها، واحترام الأعراف والتقاليد، ولأن القهوة العربية لها أعراف وتقاليد خاصة بها لدى الإنسان العربي أراد الملك المفدى أن يتقيد بها حتى غير العربي، وأن يندمج في تناول القهوة مع البقية مستمتعًا بشربها ومقيمًا لتقاليدها حسب الأصول المرعية.
أكثر ما لفت نظري الاحترام الكبير الذي أظهره الرئيس ترامب لخادم الحرمين الشريفين مستشعرًا شخصيته القيادية الفذة، فالملك سلمان الحزم والعزم دقيق جدًا في ملاحظاته وفي عباراته، عندما تقع عينيه على وضع غير متلائم مع المتبع يبادر فورًا لإبداء ملاحظاته.
في كل مناسبة صار الناس ينتظرون مثل هذه الملاحظات من ملك القدوة لأنها تأتي دائمًا في الصميم، ولأنها كذلك فما أن ينزل المقطع إلا ويتم تداوله بشكل واسع وهو ما حدث في تناول ترامب لقهوته العربية، وبعد أن عدل الوضع لمح الجميع سرعة الاستجابة. ليس هذا الموقف كل ما حدث في قمم الرياض، قمم الإنجازات التاريخية غير المسبوقة بنتائج تثلج الصدور وتزيد التفاؤل بمستقبل أكثر إشراقًا، لكن هذا الموقف لخص لنا ولغيرنا لمن يعرف ومن لا يعرف من هو سلمان بن عبدالعزيز بثبات مواقفه ومساحة الاحترام والتقدير التي يحظى بها، ومكانة المملكة العربية السعودية لدى قادة جميع دول العالم.