«الجزيرة» - سلطان الحارثي:
في الوقت الذي أصبحت تعتمد فيه كرة القدم السعودية على المنطق لا العاطفة، ويُقاس عطاء اللاعبين بناءً على المقدرة الفنية لا الأهواء والعواطف، يبدو أن لدينا لاعبين يعتمدون على جماهيريتهم للضغط على الأندية للاستمرار أطول فترة ممكنة لعدة مسببات من ضمنها الحضور في الإعلام، وحب الأضواء والشهرة، والحصول على المادة.
في الهلال، كان الأسطورة سامي الجابر في آخر مواسمه يعتمد على جماهيريته للاستمرار، وقد استمر أطول فترة ممكنة، لدرجة أنه خيّل للمتابع الرياضي أن سامي لن يعتزل، حيث أصبح رمزاً هلالياً يصعب الحديث عنه إلا بإيجابية يستسيغها محبوه، وفي الاتحاد أصبح محمد نور الآمر الناهي في عميد الأندية السعودية، وقد أخذ أكبر من حجمه كلاعب يفترض أن له حدوداً يجب أن لا يتجاوزها، وفي النصر أصبح حسين عبدالغني من رموز النادي الأصفر، وطُرد مدربين وإداريين من أجله.
هذا قليل من كثير، إذ أصبحت سطوة النجوم على الأندية السعودية واضحة كوضوح الشمس، وأصبح تقييم مثل هؤلاء اللاعبين لا يمت للعطاءات الفنية بصلة.
اليوم يتكرر في الهلال نفس السيناريو الذي صنعه سامي ولكنه هذه المرة جاء مع ياسر القحطاني الذي أصبح يعتمد على جماهيريته للاستمرار أكثر من عطاءاته الفنية التي أصبحت ضعيفة ولا تليق بلاعب مثل ياسر القحطاني كان ملء السمع والبصر، وعلى الرغم من أن المقارنة بين سامي وياسر لا وجود لها أو يفترض أن لا يكون لها وجود، إذ إن ما قدّمه سامي الجابر للهلال لا يُقارن بما قدَّمه ياسر القحطاني للهلال، ولكنهما الآن أصبحا في كفتين متوازيتين بفعل الجماهيرية الطاغية لكلا النجمين اللذين أصبحا رمزين هلاليين، وهنا لا اعتراض على رمزيتهما، فهما قدما للهلال الكثير، ولكن يفترض التعامل معهما كونهما لاعبين، للجميع الحق في نقدهما.
وحتى لا يتكرر المشهد الذي شاهدناه مع سامي الجابر في أعوام سابقة، إذ ظن أنه الكل في الكل في نادي الهلال، والآمر الناهي الذي يجب يُطاع، بعيداً عن كونه لاعباً من ضمن مجموعة لاعبين، يفترض أن يتم التعامل مع ياسر القحطاني كونه لاعباً له ما له وعليه ما عليه، ويجب أن يكون التعامل معه وفق منطق العقل لا العاطفة، ويجب أن لا تؤثّر في القائمين على نادي الهلال جماهيرية اللاعب، إذ إن العطاء الفني والمقدرة على الاستمرار في المستطيل الأخضر هي القياس الوحيد الذي يجب الانطلاق منه لاستمرار أي لاعب من عدمه، ومتى اعتمدنا على المنهج الصحيح لتقييم اللاعبين، فإن استمرار ياسر القحطاني مع الهلال لا معنى له، إذ إن أرقامه في السنوات الأخيرة أصبحت ضعيفة جداً جداً، وأصبح جل وقته في مقاعد البدلاء، وهذا ما أثّر على المهاجمين الشباب الذين ينتظرون الفرصة، ولكن كيف تتاح لهم...؟!
أمر آخر كان قد أثَّر في نفوس اللاعبين الشباب في آخر مواسم سامي الجابر مع الهلال كلاعب واستمر معه كمدرب، وهي سرقة الأضواء من اللاعبين، والبروز، وتسليط الأضواء عليه، وهو بهذا قد أخذ وقته ووقت غيره، وهذه من الأمور التي أثّرت على سامي حينما عاد مدرباً للهلال، واليوم يتكرر نفس المشهد مع ياسر، فهل يعي القائمون على الهلال بأن استمرار ياسر ضرره أكبر من منفعته...؟!