د. عبدالواحد الحميد
كثيرٌ من جهات التوظيف عندنا، بما فيها بعض الجهات التابعة لأجهزةٍ حكوميةٍ تتمتع بمرونة في التوظيف، تُفضِّل خريجي الجامعات الأجنبية أو خريجي الجامعات السعودية الحكومية والأهلية التي تقدم مناهجها باللغة الإنجليزية.
في بعض الحالات وبعض الوظائف يمكن معرفة السبب، وهو أن الموظف الذي يجيد اللغة الإنجليزية أقدر على مواكبة الجديد في تخصصه فهو يستطيع قراءة التقارير الحديثة التي تصدر باللغة الإنجليزية وقراءة «البروشورات» والكُتيبات التي تتعلق بعمله، بل إن إجادة اللغة الإنجليزية قد تكون ضرورة قصوى للموظف الذي يرتبط عمله بجهات أجنبية، فاللغة الإنجليزية في زمننا الراهن هي لغة التفاهم المشتركة بين البشر والثقافات. لذلك، يمكن تَفَهُّم أسباب تفضيل جهات التوظيف في كثير من الأحيان للطلاب العائدين من البعثات أو الذين كانت مناهج جامعاتهم السعودية باللغة الإنجليزية.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا يعاني بعض خريجي جامعاتنا الحكومية من ضعف المستوى باللغة الإنجليزية لدرجة أن بعض جهات التوظيف تحاول قدر الإمكان تفادي توظيفهم وتفضل زملاءهم العائدين من البعثات الخارجية؟ هل المشكلة تتعلق بضعف مواد اللغة الإنجليزية في مرحلة التعليم العام التي تسبق المرحلة الجامعية أم في المواد التي يدرسها الطالب في المرحلة الجامعية؟ ففي كل الأحوال، الطالب هو الضحية وهو الذي يدفع الثمن، وتلك مشكلة يجب معالجتها.
نلاحظ أن خريجي الجامعات السعودية الأهلية والحكومية الذين يَدرسون باللغة الإنجليزية لا يعانون في الغالب من هذه المشكلة، الأمر الذي قد يشير إلى ضعف المناهج في الجامعات الأخرى وفشلها في إعداد الطالب لدخول سوق العمل بنجاح وفق متطلبات السوق في الوقت الراهن.
إن أعداد المتخرجين من جامعاتنا المحلية تتزايد وقد أصبح الكثير منهم في وضع تنافسي لا يحسدون عليه بالمقارنة مع زملائهم العائدين من البعثات وخريجي الجامعات الأهلية، لذلك فإن جامعاتنا الحكومية مطالبة بتحسين مستوى مناهج موادها الإنجليزية بشكل جذري أو الاعتراف بالفشل والبحث عن حلول كالتحول إلى التدريس باللغة الإنجليزية في بعض المواد كما هو الحال بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن التي لا يواجه خريجوها عادةً أي مشكلة في الحصول على وظائف.
بالطبع، ليس الضعف في اللغة الإنجليزية هو السبب الوحيد لعدم حصول بعض خريجي جامعاتنا الحكومية على وظائف، كما أن اللغة قد تكون مجرد ذريعة يتم اللجوء إليها في بعض الحالات للتهرب من توظيف السعوديين، لكن الحديث ينصب هنا على الحالات التي تتطلب فيها الوظائف إجادة اللغة الإنجليزية وهي كثيرة جداً في الوقت الحاضر وخاصة في بعض المستويات الوظيفية.