د. خيرية السقاف
قبل رمضان بيومين
يطيب للنفس أن تستروح نسائمه المطلة
أن تستلهم لحظاته الشغوفة
أن تتخيل لياليه الموغلة في القرب
أن تستعجل حضوره البهي
بسكينته, وعمقه, واستقطابه, ونفحاته, وعطاءاته, وفرصه
وأبواباً فيه تُفتح للعودة, لتقليب الصفحات, لمواجهة الذات, لاستحضار الحقائق.. لإتمام نقص, وضبط فرط, ويقظة غفلة..
بشر نحن صغار, خائفون, وجِلون, مُثقلون, ولِهون, مشفقون..
أكتافنا محملة, آثارنا مسجلة, أصواتنا محفوظة, أقوالنا محفورة, أفعالنا في سجل..
نحن فارغو الجنوب إلاّ من رجاء راجف, وحسٍّ واجف, وأمل طائف, وتوجُّس خائف..
حتى إذا ما ناخ بنا, نزل بوقتنا, حضر في تقويم أيامنا , ملأ ساعاتنا, احتوى دقائقنا, وثوانينا نفضنا الخوف بأنفاس الثقة, وولجنا الباب بضعف الفقير, وبسطنا الأكف برجاء السائل, وعكفنا عند الأعتاب لا نبرح حتى تطمئن الذات للإجابة..
رمضان يأتينا بعد يومين
ينزل عندنا في ضيافة الرحمن لنا
نحن الضيوف وقد تكرّم الإله
ونحن الفقراء وقد بسط الكريم
ونحن الخطاؤون وقد منح الغفور
ونحن التائهون وقد ذكَّرنا اليقظُ الذي لا ينام
فحيا الله رمضان رافد الغسول, ماء التطهير, فرصة الإنابة, نافذة الرجاء, وسيلة النقاء,
مطرقة التذكير, غاية عطايا الرحمن, كفاية هباته, ومنّته, وفضله العظيم سبحانه ..
فلنكرم أنفسنا فيه بما هو أهلٌ له..