د.ثريا العريض
فكرة القمة الأمريكية العربية الإسلامية كانت ضربة معلم أو بالأحرى فريق معلمين؛ وتأكيد لمبدأ «نحن قادرون على الإنجاز». يتضح أن «حزم وعزم» الملك سلمان ليس مجرد شعار بالإضافة إلى حكمته ومعرفته بالتاريخ, وخبرة سمو الأمير محمد بن نايف في وزارة الداخلية تعرف عن الإرهاب وتلوّنه ما يخولها أن يكون مدرسة للآخرين في التصدي له والقضاء عليه مهما تخفى بأقنعة إيديولوجية كاذبة. وسمو الأمير محمد بن سلمان أضاف تميز الرؤية المتميزة بالمرونة وهي تواصل البحث عن الحلول الناجعة. في أول ورشة حدثنا فيها قبل أكثر من عام, قدّم لنا رؤيته حول برنامج التحول, تكلم عن تفعيل كل جوانب القوة التي نملكها كمجتمع ووطن, ومنها الشباب والمرأة والموارد. وهو التوجه الذي نعايش تجسده في المرحلة الراهنة. الاتفاقيات العديدة التي وقعت أشرعت حقبة التفعيل، حيث كل منها مشترط فيه دور للبناء المحلي لاستدامة النماء؛ التصنيع المحلي والتدريب للشباب وتمكين المرأة. تطور مهم جداً في السعودية، حيث تيار الغلو والتطرف شل حركة التمكين والتطور التي سعى إليها الملك الصالح عبدالله بن عبد العزيز - رحمه الله وطيّب ثراه-. وجاء الملك سلمان الحزم والعزم ليوقف التحجر والتسلط, ويطلق الطاقات الكامنة, ويضيف حكمة ضرورة استدامة الاستقرار المجتمعي والانفتاح الفكري. ولا يتم كل هذا إلا بمحاربة توحش الإرهاب ومجابهة داعميه ومموليه ومؤججيه. لقد فعل فريق رؤية القمة كل جوانب قوة الهوية السعودية: انتماءها الخليجي, وللعالم العربي والإسلامي, وحدد الهدف المشترك الذي يوافق عليه ويلتف حوله جميع المعتدلين.
ثم يأتي التحول الأهم المطلوب للاستقرار المفقود في إطار الجوار القريب وتأجج الحدود المضطربة في العراق وسوريا ولبنان واليمن.. بل وحتى مصر والأردن. ويأتي السؤال: من يزعزع أمن الجوار ولماذا؟
يؤكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته مفتتحاً جلسة القمة: «الإسلام دين السلام ومن يقتل نفساً بغير حق فكأنه قتلنا كلنا». ويوضح الرئيس ترامب بكلمته: «الإرهابيون الذين تكاثروا وانتشروا كوباء وانتهكوا حرمة الحياة والحدود لا يحبون الله، بل يحبون القتل. حماية أنفسكم مسؤوليتكم بأن تتصدوا للإرهابيين وتخرجوهم من وجودكم».
النتائج؟ القمة في حد ذاتها كانت الخطوة الأولى التي وضعت النقاط على الحروف وأزالت اللبس. اتفق فيها الجميع على تسمية وتحديد العدو المشترك, ورسمت الطريق لمواجهته للقضاء عليه: التطرف الفكري الذي يستغل تقديس الدين ليتنمر إلى إرهاب دموي قاتل لا يكترث كم من الضحايا يلتهم وإلى أي دين ينتمون.
نظام الملالي منذ 1979 حول حياة المواطنين الإيرانيين إلى جحيم من التشدد والاستلاب المادي والمعنوي وتنمر الحرس الثوري. وفي الجوار, تحت شعار تصدير الثورة الخمينية, حوّل أي فجوة أمنية ممكنة في الشرق الأوسط إلى مزرعة للعقارب السامة. بتشجيع وتمويل أعمال الإرهاب والتدريب عليها وتهريب الأسلحة للخلايا الإرهابية. فتكاثرت محاضن الإرهاب. ما حدث في الرياض كان إعلان التوصل إلى مقترح أنجع للقضاء على أوكار العقارب الإرهابية. خارج مبدأ التسليم بتقبل تفسير «صراع الحضارات», جاء الحل في تشخيص أدق برؤية لا تكتفي بالتنظير، بل تنطلق إلى تقديم البديل؛ «التشارك الحضاري» لعلاج الوباء.