د. حسن بن فهد الهويمل
رَبِّ ماشكرناك حق شكرك.
وما قدَّرناك حق قدرك.
لك الحمد حتى ترضى.
ولك الحمد إذا رضيت.
ولك الحمد بعد الرضاء.
{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}.
رفع إبراهيم قواعد البيت على أرضنا. ومنها بُعِث الرسول الأمي. وعليها نزل القرآن بلسان عربي مبين، هو لساننا:- {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}.
وأصبحت الكعبة قبلة المسلمين، {وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}.
فكل مكبّر يتجه لأرضنا. وكلما أَذَّنَ مؤذن بالحج، هَبَّ المسلمون لأرضنا.
ومن صحرائنا انطلقت قوافلُ الدعوة، والفتوح فكانت [الكوفة]، و[البصرة]، و[دمشق]، و[قرطبة].
وبعد الجهل، والفرقة انطلقت من أرضنا دعوة سلفية:-
حَمَتْ جنات التوحيد. وجددت للأُمَّة أمر دينها.
فلم يعد هناك:-
غالٍ يُحَرَّفُ، ولامبطل يَنْتَحل، ولا جاهل يَتَأَوُّل، ولا قبورٌ يتمسح بها الجهلة، ولا خرافي يضِلّ السُّذج.
وانشقت صحراؤنا عن مؤسس هذا الكيان.
فهدي للحكم بالقوة، والعدل.
متحاميًا الجور.
مُتَلَبِّسًا باللين.
مُحَكِّمًا شرع الله.
وفجِّرت أرضه بأغلى ثروة عالمية.
فكان الأمن، والإيمان، والرخاء، والاستقرار.
وإن مضى فينا قضاؤك، وفُتِنَّا بابتلائك. فكان الغالي في الدين، والمتطرف في التصرف، والسَّماع للمرجفين.
وقضيت علينا بمواجهة المصاعب، امتحانًا، وتمحيصًا، فالتفت حول أرضنا حبال الفجائع.
واشتعلت الفتن من المحيط، إلى الخليج.
بحيث سالت معها الدماء.
وتفرقت بها الكلمات.
وأبدت الطائفيات، والأعراق البغيضة أعناقها.
فكان الجوع، والخوف، ونقص الأموال، والأنفس، والثمرات.
وبلادنا في اللهب، ولايحترق {يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}
ووطننا {يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ}.
أجبت دعوة إبراهيم:-
{رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ}.
لقد أَمِنَّا، ورُزِقْنا، فاجعلنا مؤمنين بك، مُتَّقِين لك، شاكرين لنعمائك، ليبقى هذا الأمن، ويستقر ذلك الرزق.
{لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} فلك الشكر قولًا، ولك الشكر عملًا.
واليوم، وبعد أن بلغت الروح الحلقوم، وقال قائلنا {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ}، جاء نصرك، وتأييدك.
أكثر من أربعين زعيمًا: خليجيًا، وعربيًا، وإسلاميًا، يفدون إلى أرضنا مؤيدين، ومسترشدين، ومستفيدين.
وأقوى زعيم عالمي يَخْرُج من أرضه لأول مرة، بعد تنصيبه، ليأخذ، ويعطي. ويفيد، ويستفيد. ويشير، ويستشير. ويجدد حبل علاقة تاريخية، بعدما كاد يتحول من بعد قوة أنكاثاً.
لقد حاربنا الإرهاب فهزمناه. وطاردنا الجهل فدحرناه. وتعقبنا اللعب، فانحلت عقدها، وبطل سحرها، وانكشف عوار صناديدها.
ولَمَّا نَزَلْ في صراع مُسْتَحِرٍّ، وصدام مرير مع دول، وعصابات اختارت الحرب على السلام. والاضطراب على الاستقرار. تحلم بالتوسع، وتصدير الخرافة. تُهَدِّدُ، وتَتَوَعَّد، وتُحَدِّدُ مهماتِها:-
- بهدم البيت الحرام.
- ونبش قبري الخليفتين.
- وتمزيق هذا الكيان.
- والانطلاق خلف صاحب السرداب.
وأنت يارب معنا تسمع، وترى، وتحذرنا من غفلة المؤمن:- {خُذُوا حِذْرَكُمْ}.
وها نحن اليوم ننتزع الإعجاب، والإكبار، ونربك الأعداء، ولسان حالنا يقول للشامتين:- {مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ}.
وهاهم اعداؤنا يَسُفوُّن الملَّ، ويتجرعون مرارة الهزائم.
انتصارات في الزيارات.
وتألق في المؤتمرات.
وثبات على القيم في القمم.
وصدق في الحديث.
ووفاء بالعهود.
وسخاء في الأزمات.
نعطي، ولانأخذ. ونَعِدُ، فنفي. ونتوعد، فنخيف.
حوربنا فانتصرنا..
وجادلنا فخصَمْنا..
واستُعْفِينا، فعفونا.. وماذا بعد.
دعونا نستقبل الحياة بكل ماتعج به من متناقضات، مستشعرين أمر الله بالقوة، والتلاحم.
{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}..
قوة في العلم.
وقوة في الأخذ.
وقوة في السلاح.
وقوة في الاقتصاد.
وقوة في الأخلاق.
و{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
نجتهد لنجدد.
ونفكر لنكتشف.
ونختلف لنتعاذر.
ونتعدد لنتعاون.
تلك القمم الثلاث التي وسعتها [رياض] العروبة، والإسلام سيكون لها مابعدها. إنها عطاء سخي، فلنأخذه بحقه.
ولنؤدي حق الله فيه.
ولنكن في مستوى إمكانياتنا: قولًا، وعملًا.