يرجع بعض المراقبين والمحللين السياسيين أسباب القطيعة السياسية الحالية بين المملكة وإيران، إلى وجود صراع خفي على النفوذ بين الدولتين بمنطقة الشرق الأوسط، إلاّ أنّ حقيقة الأمر هو خلاف ذلك تماماً! فتاريخ العداء الفارسي للعرب قديم قدم التاريخ نفسه، والنزعة التوسعية وهوس السيطرة عند الفرس هي من أهم مسبباته، بالرغم من بروزه في الحقبة التاريخية الحديثة بعباءة التطرف الديني كغطاء عميق يعمل تحته. وهو ما بيّنه سمو ولي ولي العهد في مقابلته التلفزيونية بأنه «نظام قائم على أيديولوجية متطرفة منصوص عليها في دستور الدولة الإيرانية ومنصوص عليها في وصية الخميني ومضمونها أنه يجب السيطرة على العالم الإسلامي أجمع».
فعقب وصول آية الله الخميني إلى سدّة الحكم، عمّد إلى إرساء نظام «الولي الفقيه» ونصب نفسه نائباً للإمام الغائب، وهو أمر خالفه فيه معظم علماء الشيعة لكنه فرضه وحاول تصديره إلى دول الجوار، وهو ما عُرف لاحقاً بفكر «تصدير الثورة»، الذي عني بالعمل من أجل قيام ثورات مشابهة للثورة الإيرانية في دول الخليج العربي ، لتمكين الولي الفقيه والثورة الإيرانية من التمدد وبسط نفوذها وسيطرتها على العالم العربي والإسلامي.
وبالرغم من فشل آليات تنفيذ استراتيجية «تصدير الثورة» الخمينية، إلا أنها استمرت بعد وفاته مع خلفه، وذلك لتحقيق أهداف التوسع والسيطرة، حيث برز ذلك بأشكال وأوجه عدة، كان آخرها سياسات إذكاء الصراعات والنزاعات العقائدية، ودعم الإرهاب والتطرف الديني بشقّيه «السني والشيعي»، والعمل على إشعال الحروب بالوكالة في المنطقة عبر حركات التمرد والتنظيمات شبه العسكرية التي تدين بالولاء لها في كلٍ من العراق ولبنان وسوريا واليمن.
ولإعادة الرشد إلى «النخبة الحاكمة» في إيران لإجبارها على إعادة النظر في أيدولوجيتها العدائية والتصدي الجاد لغطرستها، كان لابد من أن تكوى بنار شر أفعالها، وأن يكون الجزاء لها من جنس العمل، من خلال نقل المعركة إلى عقر دارها، وهو ما صرح به سمو ولي ولي العهد، كحل كفيل لدفعها إلى استعادة الرشد وترجيح العقل للنظر للعالم بواقعية، كي تحظى بالتعايش مع دول المنطقة بأمن وسلام.