ما أن بث التلفزيون السعودي المقابلة التي أجريت مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الدفاع، حتى استفاضت من جميع شرائح المجتمع وفئاته مشاعر البهجة والفرحة والاغتباط بما وفق الله إليه ولاة أمرنا الأوفياء، وقادتنا الأماجد من إجراءات ورؤى رشيدة، وما وصلت إليه من منجزات في فترة وجيزة، وما حملته من البشائر والمستقبل الواعد -بإذن الله-، لقد أفصحت المقابلة عن سلامة الأسس، وقوة المرتكزات، وحكمة التخطيط، وإبداع المعايير التي تم بناء الرؤية عليها، كما أنها أظهرت ما يمتلكه الأمير الشاب من مواهب وقدرات وإمكانات استثنائية.
لقد أبان سموه الكريم عن ثقافة عالية، واطلاع واسع، ومعلومات دقيقة في كل الملفات المتنوعة التي تناولها اللقاء، وأعطى شرحاً مفصلاً، ووصفاً دقيقاً لما تعيشه بلادنا الغالية من واقع مزدهر، وما تصبو إليه من أحلام عظيمة وطموحات لا حد لها، وما تواجهه من تحديات وإشكالات، وأجاب بواقعية متزنة، وأفق واسع عن كل التساؤلات التي كانت تثار خلال الفترة الماضية في عدد من الميادين المتنوعة، فقرب المعلومة وشرح توجه الدولة بطريقة سلسة واضحة، قريبة من القلوب والعقول، وأزال سموه كثيراً من اللبس، وفند العديد من المغالطات التي ينشرها أعداء الوطن، وأفصح عن المواجهة مع العدو الإيراني الفارسي الطائفي، ومع التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها الإخوان المسلمون.
إن تأكيد سموه الكريم على الثوابت التي قامت عليها المملكة العربية السعودية، وتطبيقها الذي لا يقبل المناقشة ولا المساءلة للشريعة الإسلامية الغراء، وانتهاجها المنهج الوسطي المعتدل، يمثل امتداداً لما سار عليه ولاة أمرنا الأماجد منذ عهد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله- ثراه، وإلى هذا العهد الميمون وولاة أمرنا يعلنون في كل مناسبة عن التمسك بمبادئ الشريعة الغراء، وهي حقيقة واقعة يعرفها الجميع عن هذه البلاد، وتؤكدها مواقف المملكة المشرفة في كل محفل ومناسبة وموقف، وليست مجرد شعارات لا تستند إلى واقع. ومن ذلك ما بينه سموه الكريم عن مدى عناية المملكة العربية السعودية بلاد الحرمين الشريفين بشؤون الحجاج والمعتمرين، والحرص على راحتهم، وتقديم أفضل الخدمات لهم، وسعي القيادة الدؤوب للرقي بالمرافق وتحديث وسائل النقل، والعناية بطرق التنظيم، ووسائل السلامة العامة، كل ذلك دون أن يتحمل الحاج تبعات اقتصادية مرهقة.
إن وضوح الرؤية الذي ظهر به سموه الكريم يساهم في تعزيز الثقة بالقيادة الشابة التي هي امتداد لإرث الأسرة الحاكمة التليد ومخرج لمدرسة الملك المؤسس، وصورة لسلمان الحزم والعزم، فقد عكس بطرحه المميز قدرة عالية في إدارة الملفات المختلفة، والتعامل مع جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقه -حفظه الله- بما تستوجبه الأمانة والمسؤولية، ولقد ظهر جلياً ذلك الطموح المقرون بالثقة بالله عز وجل والتفاؤل بنجاح الخطط التي بنيت على أساس علمي ومعرفي متين، وما تخصيص سموه جزءاً كبيراً من المقابلة للحديث عن الشؤون الاقتصادية والقطاعات الخدمية إلا دليل على أن حاجات المواطن الأساسية هي محور اهتمام الدولة التي تسعى لدعم اقتصاد البلد وتحقيق رفاه المواطن وتعزيز قدرات الوطن على تحمل صدمات وتقلبات الأسواق الاقتصادية، والحد من أثرها في مستقبل البلاد لتحقيق الاستدامة وتنويع مصادر الدخل، وكل ذلك بهدف رفع مستوى المعيشة للمواطن والمقيم ورفع جودة الخدمات التي تساهم في راحته واستقراره، وأعظم شاهد على ذلك ما أورده سموه شاهداً على ذلك من القرارات الملكية الكريمة التي تضمنت إعادة جميع المزايا والبدلات لموظفي الدولة كانت مخططة ومدروسة وخاضعة للتقييم المستمر، لتكون الدلالة واضحة على مدى مهنية وسرعة استجابة صناع القرار للتحديات الاقتصادية، وعلى المرونة التي يتطلبها الاقتصاد الحديث، وهو ما جنب البلد -ولله الحمد- مخاطر عدة وأدى إلى النجاح الكبير في خفض مستوى العجز حتى في ظل انخفاض عوائد النفط.
وفي أثناء المقابلة أكد سموه على متانة ارتباط المملكة بأشقائها من الدول العربية والإسلامية نافياً ما نشر في الإعلام من أراجيف تستهدف زرع الفتنة وبث روح الفرقة في الأمة، وكان جلياً مدى متابعته للإعلام وسعة اطلاعه على ما ينشر ومعرفته بخفاياه ودوافعه، وأظهر حرص المملكة على أمن تلك الدول ودفاعها عنها وارتباطها بها في وجه أعداء الأمة، وأحزاب التفرق والتشرذم، ولاسيما جماعة الإخوان المسلمين التي أنتجت أدبيات التفرقة والتحزب، وفرخت تنظيمات الإرهاب والتطرف، وتسلقت ما سمي زوراً بالربيع العربي لتصل إلى السلطة على حساب الأوطان والمقدرات، وسعت بعد فشلها في الوصول للسلطة بدعايتها المضللة لإحداث الشرخ في علاقات الدول العربية، إمعاناً في دورها المفسد الذي يعلم الجميع نتائجه ويرى في الواقع مشاهده.
وكذلك عبر سموه الكريم بكل جسارة وشجاعة عن وقفة المملكة الحازمة في وجه التمدد الصفوي الفارسي الذي يسعى لنشر أيديولوجيته المتطرفة على حساب دماء الأبرياء في الشام واليمن، وتأكيده أن المملكة لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستتصدى لهذا التهديد وغيره حتى يرتدع كل من به شر.
ويدل على صدق تلك المواقف الأخوية ما عبر عنه سموه من حرص على أرواح الشعب اليمني الذي ارتهنته قوى الظلام والإرهاب عبر مليشيات إيران المفسدة، وأن النصر الحاسم عليهم آت بإذن الله، وتأخيره كان وفقاً للمقاصد الشرعية المتمثلة في الموازنة بين المصالح والمفاسد، فرعاية حماية الأبرياء كان وراء الحسم المقدور عليه بإذن الله، فالمملكة لا تسعى لتحقيق إنجازات عسكرية على حساب مبادئها الإسلامية ومنطلقاتها الإنسانية وإلا لحسمت الحرب في وقت قياسي، فهو الحرص والشفقة والمروءة التي أبى قادة هذه البلاد حفظهم الله إلا تسجيلها للتاريخ، وتدوينها للأجيال ليظهر طيب معدنهم وصدق نواياهم تجاه الدول العربية والإسلامية، على عكس ما تقوم به دولة إيران المجوسية المجرمة التي ترفع الشعارات الزائفة وتجلب المرتزقة، ولا تبالي بقتل الآلاف من المدنيين العزل مستخدمة شتى أنواع الأسلحة المحظورة لتحقيق النفوذ والتمدد الذي تروم ولن تحوزه -بإذن الله-، وهيهات أن يتحقق لهم ما يريدونه بالأمة من شر -بعون الله- ما دام في العرب سلمان.
إننا ونحن نستعرض تلك المواقف التي ركز عليها سموه في حديثه لنشعر بالفخر والعزة، ونرجو بإذن الله تعالى أن يحقق الله طموحات القيادة الرشيدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين، وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وسمو ولي ولي العهد وزير الدفاع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظهم الله- ونحن على يقين بنصر الله لمن تمسك بدينه ودافع عن عقيدته وطبق شريعته، مصداقاً لقوله تعالى {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}.
وإننا نحمد الله أن منَّ على ولاة أمرنا، واختصهم بهذه النعم، وسددهم بهذه المواقف السديدة، ووفقهم لهذه الإنجازات العالمية، ونسأله سبحانه وتعالى أن يتم عليه نعمه، ويسبغ عليه فضله، ويكلأهم برعايته، والله المسؤول أن يحفظ علينا ديننا وأمننا، وقيادتنا، وأن يجعل أعمالهم زادًا لهم إلى رضوان الله وجنته، إنه سميع مجيب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
** **
- وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية