عمر إبراهيم الرشيد
تختلف نظم الحكم الثورية عن الحكومات القائمة على أسس سياسية وديمقراطية، كل كيان سياسي قائم حسب تكوينه ونظامه وتوافق المكونات الشعبية حوله إضافة إلى تاريخه وثقافته. لكن النظم الثورية لم تأت إلى الحكم بطرق سياسية وحسب النسق والتدرج في الإدارة والحكم، إنما ثارت على نظم قائمة مستقرة وبالتالي يغلب على نظم حكمها الرعونة وسلك أساليب لا تتماشى والقانون الدولي ولا تصب في صالح شعوبها بالضرورة. مثال ذلك نظم الحكم التي قامت في بعض دول أمريكا اللاتينية في الستينات الميلادية، وبعض دول شرق آسيا مثل كمبوديا وغيرها. إنما يشكل نظام الحكم في طهران مثالا أكثر تجسيدا، هذا إذا صح أن نسميه (نظام)، إذ ومنذ قيام ما يسمى بثورة الملالي عام 79 م وهذا النظام يعتاش على نيران القلاقل التي يحاول ليل نهار إشعالها في كل دول العالم الإسلامي عامة ودول الجوار على الأخص وأولها المملكة.
هذه الأيام تعيش طهران في حالة رهاب مع قرب انعقاد القمة السعودية الأمريكية، ثم القمتين العربية الإسلامية - الأمريكية. إذ إنها ومنذ قيام هذا النظام الثوري الذي جلب القلاقل والفقر والتخلف للشعب الإيراني، لم تر مثل هذا الحشد السياسي الذي تقوده الرياض جامعة دول الخليج ودولا عربية وإسلامية مع الدولة الأقوى عسكريا وسياسيا واقتصاديا في العالم، ومحور هذه القمم صد هذا الإرهاب المنظم من قبل طهران ومن يدور في فلكها من داعش وغيرها، وفضح سياسات طهران بشكل جلي والاتفاق قدر المستطاع على أنه لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة التي عانت وما تزال فلابد من لجم سعار هذا المد الصفوي، وإخماد نار الحقد وشهوة التوسع الفارسية التي يريد بها نظام الملالي إعادة المنطقة إلى الوراء قرونا. وهذا هو سبب الرهاب الإيراني من هذه القمم الاستثنائية.
هل إيران هي السبب الأول والوحيد لقلاقل وصراعات وفتن المنطقة؟، بالطبع لو وجهت سؤالا كهذا إلى تلميذ صغير لأجابك بالتأكيد على أن حكومة الاحتلال الصهيوني في فلسطين هي السرطان الذي يفتك بجسد الأمة العربية والمصدر الأول لما نشهده من قلاقل وعدم استقرار، فانظر وحدة الهدف ما بين الأطماع الصهيونية والفارسية، وهما سببان كذلك ومبرران بسياستهما للتطرف المضاد في المنطقة والعالم. وبما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد بدأ سياسة مغايرة لسلفه أوباما تجاه إيران، وكذلك أبدى إشارات لإمكانية تفهم واشنطن لحق الفلسطينيين في العيش بسلام في حدود دولة حقيقية ضمن حدود عام 67م كما نصت عليه المبادرة العربية للسلام، فإن المملكة بقيادتها للعالم الإسلامي وتبوئها الريادة العربية مع شقيقاتها الدول العربية والإسلامية لها ومن حقها طرح هذه الحقيقة مع الرئيس الأمريكي، وهي أنه لقطع دابر الإرهاب عربيا وعالميا فلابد من علاج الداء الحقيقي المتمثل في قضية العرب الأولى الفلسطينية، ولجم السعار الصفوي وإثارة القلاقل في المنطقة.
إن المملكة بثقلها السياسي والاقتصادي وما مرت به من أزمات في المنطقة وتحديات جسام زادت من صلابتها ولله الحمد، لهي اليوم مقبلة على مهام عظيمة لا تليق إلا بأولي العزم. على أنه لن يساعدنا الغير ما لم نساعد أنفسنا ونجتمع على الحد الأدنى من عوامل القوة التي تتوفر فينا كأمة، فاللهم انصر هذا البلد لنصرة أشقائنا وكل صاحب حق والله غالب على أمره.