عبدالحفيظ الشمري
بعد ثلاثة أيام، ويوافق (الخميس - 29 مايو) تحتفل الكثير من الأمم باليوم العالمي لحفظ السلام؛ الذي يعد مناسبة إنسانية مهمة يشترك فيها الجميع، وتحرص المؤسسات والمنظمات والدول على الاحتفاء به، وإبانة دوره في حفظ السلام في البلاد التي تشهد العديد من الصراعات، والحروب والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية؛ مما يجعل مهام رجال الأمن في هذه المنظمات غاية في الأهمية..
وبما أن هذه المناسبة يراد بها أن تكون تخليدًا من الأمم المتحدة لذكرى من سقط ضحية لهذه الصراعات والحروب، وأعمال العنف، من هؤلاء الجنود والضباط وطواقم الإسعاف والإطفاء والإنقاذ والأطباء والممرضين الذين قضوا بمثل هذه الحوادث، لذلك فإنها إشارة قوية من الأمم المتحدة ليهتم العالم بأمر هؤلاء، وأن تكون هذه المناسبة فرصة حقيقية لتسليط الضوء على ما تعانيه المجتمعات والدول النامية والفقيرة من تخلف ومجاعة، وما تشهده من صراعات دموية أليمة؛ حاول هؤلاء الجنود التخفيف من آلامها وجراحها..
وفي هذه المناسبة العالمية عن يوم حفظ السلام وتكريسه فإن الأمر يتعدى كونه أمرًا ماديًا يعتمد على قوة ردع وتحرك عسكري إلى ما هو أهم؛ وهو المتمثل في السلام المعنوي الذي يتطلب خطابا إنسانيا متصالحا مع الواقع، ومتجاوزا لحدود المشاكل المعتادة، من أجل قيام منظومات عمل إنساني تغلب الوعي، وتحرص على الأمن المعنوي؛ لتُقَوِّيه، وتسهم في نشره، وتحقيق أهدافه المفيدة للجميع من أجل أن يعم السلام.
ولا ننسى في هذه المناسبة التي تُرتب لها هيئات الأمم المتحدة على مستوى العالم إن أمر (السلام الوقائي) هو مرحلة مهمة من مراحل العطاء المعنوي، فالسلام الوقائي لا يتأتى عادة إلا بقيام خطط عمل إنسانية مفيدة؛ توفر الغذاء، والمشافي، والمدارس، لتسهم في خدمة التنمية، لأنه كلما تنهض هذه الشعوب الفقيرة والنامية من كبواتها، وتكف عن صراعاتها سيكون هناك -بل أدنى شك- عمل وقائي يستبق وقوع مثل هذه الأحداث التي تسببها عادة هذه الحروب والصراعات التي قد تستمر لعقود طويلة.
فالمُعَرِّفُ الأساسي في هذه المناسبة لهذا العام على وجه التحديد هو ذكر وتخليد من سقطوا في هذه الصراعات؛ من رجال حفظ الأمن في منظمات الأمم المتحدة، ويعرفون بـ (ذوي الخوذات الزرقاء) الذين يقع على عواتقهم مهام حفظ الأمن، وإيواء المنكوبين والنازحين واللاجئين من كل مكان إلى مقراتهم ومشافيهم، ومخيماتهم.
فقد كانت انطلاقة هذا المشروع الإنساني الأممي في عام 1948م حينما أقرت (123دولة) في الأمم المتحدة مهام هذه المجموعات الأمنية، سعيا ومحاولة للتخفيف من هذه الحوادث والكوارث التي تقع في الكثير من البلاد، ويكون ضحيتها في الغالب الأعم هو الإنسان البسيط! فلعل ذوي الخوذات الزرقاء يفلحون فيما عجز عنه ساسة الكثير من الدول ومنظماتها.