د. عبد الله المعيلي
من يتتبع الأسر والحكومات التي تعاقبت على كل الدول الإسلامية منذ عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وحتى الآن، يتبين له حقيقة تواترت عبر توالي السنين وحتى الآن، يتبين له أن أسرًا حكمت لمدد متباينة طولاً وقصرًا، ثم اندثرت وحل مكانها أسماء أسر أخرى، بنو أمية الأمويون حكموا مدة من الزمن ثم رحلوا، وجاء بعدهم العباسيون وحكموا مدة من الزمن ثم رحلوا، وجاء العثمانيون ورحلوا، ثم انقسمت الدول الإسلامية إلى دويلات بمسميات وعناوين شتى ورحلت هذه الدويلات، الأسباب كثيرة جلها صراعات وحروب وتدخلات أجنبية استعمارية وكانت جلها تقوم على كثير من صور الظلم والبغي والعدوان.
وعادت الجزيرة العربية كما غيرها إلى جاهلية جهلاء، وعم الجهل وانتشرت البدع، فلم يعد الناس يعرفون أصول دينهم، القرآن الكريم لا يقرأ، والحديث النبوي الشريف لا يعرف، فسادت الخرافات، بل وصل الحال إلى عبادة القبور، لم تكن هناك دولة حاكمة، بل تكتلات قبلية هنا وهناك، وكثر التعدي على الحرمات والممتلكات، وعم الخوف كل أرجاء الجزيرة العربية، وصار أهل القرى يحمون قراهم بالأسوار والبوابات، خشية قطاع الطرق «الحنشل» وهم مجموعة من العصابات الغلاظ الأشداء الذين لا يرحمون الذين تواترت عنهم صور من السلب والنهب إلى درجة تجريد الناس من كل ما يملكون.
ومما يرويه الأجداد من قصص الماضي - بطبيعة الحال - قبل توحيد الجزيرة العربية، أن امرأة تأخرت في الوصول إلى القرية إلى ما بعد مغيب الشمس بقليل، اضطر أهل القرية إلى قفل البوابة خشية غزو بيوتهم من عصابات «الحنشل» فلما حضرت وجدت البوابة مقفلة، وكان «الحنشل» لها بالمرصاد، لم يرحموا ضعفها وعدم قدرتها على مقاومتهم، فما كان منهم إلا أن جردوها تمامًا من كل ملابسها، وتركوها عارية عند بوابة القرية، تنبه لها أهل القرية ورموا عليها من خلف الأسوار عباءة سترت عورتها، ثم فتحوا لها البوابة ودخلت إلى منزلها، هذه غيض من فيض، تعدد فيه صور الظلم والخوف.
بعد هذه الحال قيض الله لأهل الجزيرة العربية رجلاً يحمل دعوة إصلاحية غايتها إحياء الدين الحق الذي بلغه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أحياه وفق مصادره الشرعية الصحيحة، كتاب الله القرآن الكريم، وسنة رسوله الأمين أنه الإمام محمد بن عبد الوهاب، وهيأ الله له قوة تقف معه، إنه الإمام محمد بن سعود، اتفقا وتوافقا على نشر الدين الحنيف وفق مصادره الشرعة الممثلة في كتاب الله وسنة رسوله.
وتمخض عن هذا، تأسيس الدولة السعودية الأولى، وتعرضت للمكائد وتكالب الأعداء، وسقطت الدولة، ولكن مشيئة الله ولسمو أهداف الدولة، قامت الدولة السعودية الثانية، ثم سقطت، ولكن رحمة الله بأهل الجزيرة العربية، خرج فتى مؤمن ذو عزيمة وإحياء الدولة السعودية،
إنه الملك عبد العزيز -رحمه الله-، وأسس الدولة السعودية الثالثة، على هدى من الكتاب والسنة، دولة تعد من أقوى الدول، دولة رائدة لها مكانة سامية بين الدول، وتقدير واحترام من دول العالم غربًا وشرقًا، ومن الدول الإسلامية، دولة سادها الأمن بعد الخوف، والغنى بعد الفقر، وشعب متآلف منسجم ملتف حول قيادته يؤيدها ويدين لها بالولاء والسمع والطاعة.
والآن تحاول إيران المجوسية، أن تتزعم العالم الإسلامي، وتطعن في ثوابت المملكة العربية السعودية، ومع ذلك خابت جهودها، ولن يلتفت لها أحد، وستبقى كيانًا نكرة لا قيمة له ولا أهمية إطلاقًا.
الريادة للسعودية والمكانة السامية لها بين كل دول العالم.