د. أحمد الفراج
في خطوة غير مسبوقة، يصل الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، إلى بيت العرب الكبير، وقبلة أكثر من مليار مسلم، المملكة العربية السعودية، وعندما تحط الطائرة الرئاسية، اير فورس ون، في صحراء نجد، سيسجل التاريخ أن هذه هي المرة الأولى، التي تكون الزيارة الخارجية الأولى لرئيس أمريكي تجاه بلد عربي ومسلم، وسيسجّل التاريخ أن الرئيس الذي فعل ذلك يتهم بعداء المسلمين! وهي التهمة التي يطلقها عليه خصومه في الداخل الأمريكي، وهم ذات الخصوم، الذين لا يتوقفون عن اتهام العرب والمسلمين بكل خطيئة، واتهامهم لترمب بالعداء للمسلمين ليس من باب الدفاع عن الإسلام، بل هو جزء من الحرب الشرسة التي يواجهها ترمب من الدولة العميقة، وذلك منذ اليوم الأول الذي ترشح فيه للرئاسة، وغني عن القول إن ترمب محارب عنيد، فهو لم يستسلم لسطوة الإعلام الجبارة، بل جابهها من خلال الإعلام الجديد، حتى أصبح حسابه الشخصي على تويتر أحد أهم مصادر المعلومات، خصوصاً بعدما أصبح سيد البيت الأبيض!
قبل أيام، كنت أتجاذب أطراف الحديث مع زميل صحافي من روسيا، ودار الحديث حول ترمب، وعن التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وحدثني عن شعبية ترمب في روسيا، وأكد أن شعبيته هناك ليست بسبب علاقته الخاصة بالرئيس بوتين، بل لأنه زعيم انعتق من سطوة الدولة العميقة في أمريكا، ويتخذ من القرارات ما يراه في صالح الشعب الأمريكي، ضارباً عرض الحائط بسطوة اللوبيات المتنفذة في أمريكا، وهذا صحيح، فشعبية ترمب ليست في روسيا فقط، بل في كثير من بلاد العالم، فهذه الشعوب تراه رئيساً خارجاً عن المألوف، يفكر خارج الصندوق، ويصرح بما يراه مناسباً، وهذا ليس طبع الساسة، فالسياسي الكلاسيكي في أمريكا لا يتصرف بهذه الطريقة، بل يخضع لسلطة لوبيات المصالح، وجماعات الضغط، وبالتالي تجد أن مواقف هؤلاء الساسة تتغيّر جذرياً بعد خروجهم من السلطة، واقرأ السير الذاتية لرؤساء أمريكا السابقين وستجد العجب العجاب.
زيارة ترمب للمملكة لا تروق لكثير من جماعات الضغط، ولكن ترمب، الذي يتصرف بما يراه في صالح أمريكا والشعب الأمريكي، لا يأبه بهم، فهو فاز بالرئاسة رغماً عنهم، ويتكئ على شعبية جماهيرية لا يستهان بها، وهي التي أوصلته للرئاسة، وعندما اختار المملكة كوجهة أولى، قال علناً إن ذلك بسبب أهمية المملكة كزعيم للعالم الإسلامي، وكشريك أساسي لأمريكا في مكافحة الإرهاب، وكشريك اقتصادي مهم، وحديث ترمب، وزيارته للمملكة لم يغضبا جماعات الضغط ولوبيات المصالح وحسب، بل جعلا بعض الصغار يحاولون التشويش على هذه الزيارة التاريخية، فعندما صرح ترمب بأنه سيرسم مع الرياض إستراتيجية ناجعة لمكافحة الإرهاب، صرح أحد الصغار مدافعاً عن جماعات الإسلام السياسي، الراعي الرسمي للتنظيمات الإرهابية، وعندما أدرك هؤلاء الصغار أن إيران بدأت تشعر بالاختناق، مدوا لها طوق النجاة، في تحد سافر، ومحاولات مستميتة للتشويش على زيارة ترمب التاريخية للمملكة، ولكن هيهات، ففي نهاية المطاف لا يصح إلا الصحيح، وها هو رئيس أقوى دول العالم يصل الرياض، ومن أرضها ستتخذ الكثير من القرارات التاريخية، وحان الوقت للصغار، أصحاب الخربشات، أن يدركوا أن زمن باراك أوباما، زمن تثوير الشعوب ودعم جماعات التطرف والإرهاب، قد ولّى إلى غير رجعة!