أدرك المؤسس المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، بنظرته الثاقبة وهو يتلمس النهوض ببلاده إلى التقدم والازدهار، أهمية تطوير مصادر الدخل، وتوطيد العلاقة مع دولة لها وزنها الدولي الاقتصادي والعلمي والعسكري؛ فكان أن نشأت العلاقة بين المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، بدءًا بالجانب الاقتصادي، وذلك حينما تم تأسيس شركة الزيت العربية الأمريكية، ثم دخلت العلاقة بين البلدَين مرحلة متقدمة بعد المقابلة التي تمت بين الملك عبدالعزيز - يرحمه الله - والرئيس الأمريكي روزفلت في العام 1945، وتم منح امتياز التنقيب عن النفط لشركة أمريكية.
ومنذ ذلك الحين، وعلى مدى أكثر من سبعة عقود، ورغم ما شهده العالم من أحداث جسام ونزاعات وتبدل في التحالفات الدولية، ظلت العلاقة بين البلدين راسخة واستراتيجية، بل تشهد تطورًا وتناميًا مستمرًّا في الجوانب الاقتصادية والعلمية والعسكرية والتنموية كافة إلى يومنا هذا، تعززها الزيارات المتبادلة بين البلدين على أعلى المستويات التي بدأت بزيارة الملك سعود بن عبدالعزيز -يرحمه الله- إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1947م، وزيارة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون إلى المملكة العربية السعودية في العام 1974م.
من الواضح أن أهمية العلاقة بين البلدين ليست فقط لأن المملكة تمثل الدولة الأولى في العالم لتصدير النفط، ولها الأثر الكبير في التحكم في سوقه عالميًّا، بل تأتي أهمية العلاقة لما تمثله المملكة اليوم من ثقل إقليمي ودولي. فهي دينيًّا تحتفظ بموقعها كأرض للحرمين الشريفين، وقِبلة لما يزيد على مليار ونصف المليار مسلم حول العالم. وهي اقتصاديًّا تحتفظ بمكانة مرموقة بين أقوى عشرين دولة في العالم اقتصاديًّا. وهي استثماريًّا تمثل إحدى أهم الدول الجاذبة للاستثمار بفضل السياسات الحكيمة للدولة. وسياسيًّا تلعب دورًا كبيرًا في استقرار المنطقة من خلال مكافحتها الإرهاب، ومناصرتها الشعوب المظلومة.
وهذا ما أكدته تصريحات الرئيس ترامب الأخيرة حول زيارته المرتقبة للمملكة؛ إذ ركز على المكانة التي تمثلها المملكة اقتصاديًّا ودينيًّا، وتأثيرها الواضح في المنطقة.
وتأتي هذه الزيارة المهمة للسيد ترامب والأجواء مفعمة برؤية المملكة 2030، التي جاء في أحد بنودها: «سنعمل على تحقيق ذلك من خلال استثمارات مباشرة وشراكات استراتيجية مع الشركات الرائدة بهدف نقل المعرفة والتقنية، وتوطين الخبرات في مجالات التصنيع والصيانة والبحث والتطوير».
ولا شك أن الولايات المتحدة الأمريكية تمثل اليوم أهم معاقل التقنية الحديثة في المجالات المشار إليها؛ ما سيرتقي بالعلاقة إلى آفاق أوسع مما هي عليه الآن.
ونحن في مجال صناعة الطيران، وهو من أهم القطاعات المعنية التي يمكن أن تلعب دورًا في النهوض بهذا المجال في ظل موجهات الرؤية المباركة، وما رسمته من استراتيجيات لتحقيق الأهداف المرجوة منها.
نسأل الله أن يديم على حكومتنا الرشيدة عزها، ويسدد خطاها، وهي تسعى بقيادة مولاي خادم الحرمين الشريفين -أمد الله في عمره- إلى كل ما يؤدي إلى تطور بلادنا الحبيبة، ويجلب الخير والنماء والاستقرار لأمتنا العربية والإسلامية، يعاونه في ذلك صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف عبدالعزيز ولي عهده الأمين النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهم الله جميعًا-.
إبراهيم بن علي بن مسلّم - رئيس مجلس إدارة شركة السلام لصناعة الطيران