علي الخزيم
أبت القيادة السعودية بما حباها الله سبحانه منذ التأسيس المبارك من حكمة وحلم وصبر وأناة إلا أن تكون مع المواطن بما انتهجته من سبل الخير له من حيث هو فرد من رعاياها، بعيداً عن الانتماءات وألاعيب الطائفية والعنصرية بكل صورها، كانت أصوات عبر منتديات ومواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى التعامل مع إرهابيي العوامية بما تقتضيه حال عصيانهم وإمعانهم بالغَيّ ومخالفة كل القوانين والأعراف؛ واقترافهم لجرائم الإرهاب والقتل والسرقات وتعكير صفو الآمنين؛ وذلك (بمسح) أوكارهم والتخلص من شرورهم، إلا أن الأنفس الكبيرة والعقول الراجحة ترفض هذا الإجراء (الرَّبَضِي) نسبة إلى ما اتخذه أشهر خلفاء الدولة الأموية بالأندلس الحكم بن هشام بن عبدالرحمن الداخل إذ لقَّبه بعض المؤرخين بالرّبضي لإيقاعه بأهل الرّبَض وهو حي على نهر قرطبة؛ حين نما لعلمه أنهم يبيتون لثورة بدعاوى يراها باطلة وبتحريض من معارضين له، فقضى عليهم وعلى الحي.
الذي حدث بالعوامية وتحديداً (المُسوَّرة) كان بعكس ذلك تماماً؛ فقد صدرت التوجيهات الكريمة بتثمين عقارات الحي لأصحابها بموافقتهم وبأثمان مُجْزِية رغم أنها مهجورة وكثير منها آيل للسقوط، ومن ثم تنظيمها لتكون بشكل حضاري نموذجي صالح للحياة يوائم حياة الرفاهية التي ينعم بها المواطن بالمملكة، ويعلم أهل الحي والمحافظة (وغيرهم يعلمون) أن بإمكان الأجهرة الأمنية أن تفعل أكثر من ذلك ولا يمنعها سوى علو الهمة لدى هرم الدولة والقيادات الأمنية التي تأبى أن ترى قطرة دم أو جداراً يُهدم لمواطن أو مقيم على تراب الوطن، فليس من شيمنا الأضرار بالآمنين حتى وإن قسا نفرٌ منهم ولم يقدروا عواقب أفعالهم على ذويهم وأهليهم، فالدولة - بعون الله - أرحم وأكرم، وبهذا المعنى كان قد تحدث صاحب السمو الملكي ولي ولي العهد حين سئل ببرنامج الثامنة عن التأخير بحسم الاجهاز على الحوثي؟ فأجاب: بأن قوات المملكة والتحالف قادرة على إنهاء الحوثي والمخلوع خلال أيام إلا أن العطف والرحمة تمنعهم أن يتعرض أي مواطن يمني برئ للخطر! هكذا هم القادة الكبار ممن يثمنون العواقب، ويعرفون كيف تدار الأمور، وتساس الشعوب، فأكرم بهم وأنعم.
وحين أحسَّ دعاة الضلال ممن يقفون خلف الإرهابيين بالعوامية بفشل مخططاتهم الماكرة وأن الدولة - أيدها الله - ماضية بالعمل على تحسين وتنظيم الحي العتيق وتنظيفه من أرباب السوابق والمخربين والمجرمين، أخذوا ببث الشائعات والأقاويل الباطلة وإثارة النعرات الطائفية والعدوانية، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي بالتعاون مع مواقع عميلة تدار من أنحاء مختلفة تعمل على الشحن الطائفي، غير أن المواطن كان على قدر المسؤولية فأفشل مقاصدهم بثقته بأجهزة الدولة وحكمة قياداتها.
ويسجل لأهل العوامية ومحافظات المنطقة الأوفياء الشرفاء وقوفهم مع قيادتهم ودولتهم واخوانهم أبناء الشعب السعودي، وتعبيرهم الصريح عن رفض الإرهاب بكل صوره وأوصافه، وأن أمن الوطن ووحدته واطمئنانه فوق كل شيء، وقد سمعنا وشاهدنا عبر الفضاء من تصدوا لأباطيل المغرضين (في عقر فضائياتهم)، شكر الله سعيهم.