حائل - فرحان الجارالله:
بعد موسم غاية في الصعوبة، ومحطات من التعثر والانكسار في مشواره بدوري الدرجة الأولى، لم يشهدها منذ أكثر من 40 عامًا، وكاد معها يسقط لأندية الدرجة الثانية، عاشت جماهيره العريضة خلال هذا الموسم أشهرًا وأيامًا شبيهة بالكوابيس، لم ينجُ منها سوى مع صفارة نهاية آخر مباراة بدوري الدرجة الأولى (النهضة والعدالة)، التي أعلنت بقاء الطائي موسمًا آخر في الأولى رغم أن طموحات جماهيره التي كانت تعانق السماء بمشاهدة فريقها يعود لدوري جميل، لكن ما حدث كان خلاف كل توقعات وأماني محبيه؛ وذلك لأسباب كثيرة وعديدة، سواء على صعيد هذا الموسم أو المواسم الماضية..!
من خلال هذا التقرير نرصد أبرز ما حدث.. الأسباب والحلول..
بداية متعثرة بسبب سوء الإعداد
بداية فريق الطائي بالدوري كانت سيئة ومحبطة لجماهيره ومتابعيه، وكنتيجة طبيعية للإعداد الضعيف والمتواضع، والاستقطابات التي لم تكن إضافات فنية مؤثرة، بل كانت عبارة عن تحميل لخزانة النادي دون مردود فني..!
التعاقد مع المدرب الأوروغوياني رودريغز، ورغم أنه يحمل سيرة تدريبية جيدة، إلا أن ذلك لم يضف الكثير للفريق، بل إنه كان من الأسباب التي أدت لظهور الفريق بتلك الصورة الفنية الباهتة جدًّا..! إذ أظهر المدرب عدم الجدية والحرص الكبير في إعداد الفريق بشكل قوي، وكذلك فشله في توظيف العناصر الموجودة بالشكل الفني الصحيح، أو معرفة نقاط ضعف الفريق في وقت مبكر لمعالجتها وتدعيمها بعناصر جديدة؛ وبالتالي جاء مردود الفريق الفني عبارة عن نتائج ضعيفة جدًّا، أدت به لاحتلال مواقع متأخرة جدًّا في سلم الترتيب؛ ما أوجد كمًّا هائلاً من الضغوط الجماهيرية على أفراد الفريق وإدارة النادي، وتسبب ذلك في تأزم الموقف، وازدياد المخاوف حول مستقبل الفريق رغم إقالة المدرب في ظل تقلب نتائج فرق دوري الدرجة الأولى، وعدم ثبات مستويات الفرق من جولة لأخرى..!
التصحيح بجملة قرارات مفصلية
ومع ازدياد الأوضاع سوءًا حتى وصل حال الفريق إلى المركز الأخير في الجولة الـ17 من عمر الدوري بـ 14 نقطة فقط من أصل 41 نقطة، واتساع الفارق النقطي بينه وبين أقرب الفرق في مؤخرة الترتيب، كان القرار الإداري الحاسم الذي اتخذته إدارة الطائي بقيادة اللواء عبدالله العديلي بالاستعانة باللجنة الفنية المكونة من عضوي شرف النادي الخبيرَين ناصر الحماد وزبن الصادر، إضافة إلى عضو مجلس الإدارة وليد الجراد، والاستعانة كذلك باللاعب السابق عمر المغير للانضمام لإدارة الفريق، إلى جانب إداري الفريق فهد النماصي، ومن ثم التعاقد مع المدرب التونسي الشجاع مكرم عبدالله بعد انتهاء ارتباطه بنادي العروبة، وإبرام صفقات وتعاقدات عدة مع لاعبين كانوا بالفعل إضافات فنية قوية في تلك المرحلة العصيبة، وتوفير السيولة المالية المطلوبة لتغطية متطلبات المرحلة، وكذلك الوقفات الشرفية المشهودة التي ساعدت إدارته - بعد توفيق الله - على الخروج مما حدث بأقل الأضرار الممكنة.
لغة الأرقام تنصف عملية الإنقاذ
وبنظرة دقيقة لعملية الإنقاذ التي تمت، بدءًا من الجولة الـ 17 من عمر الدوري التي كان فيها الطائي يقبع بالمركز الأخير بـ 14 نقطة فقط، نجد أن الطائي ونجران هما أفضل فريقين من بين جميع فرق الدوري، بما فيها الصاعدان (الفيحاء وأُحد) جمعًا للنقاط، ونقلة فنية ممتازة. وبلغة الأرقام جمع كل فريق 23 نقطة وهي أعلى من أي فريق آخر بعد جولة التصحيح (الجولة الـ 17)، بينما يأتي الطائي بالمركز الثالث مع النجوم والقيصومة بعد الفيحاء ونجران في جمع النقاط خلال الدور الثاني كاملاً بـ 23 نقطة، وهو الأمر الذي ينصف العمل الذي تم؛ وذلك بفضل الله، ثم بالعمل والصرف المادي والتصرف بحكمة والاستعانة بالخبرات والعمل بروح الفريق الواحد وإعطاء الصلاحيات والدعم المعنوي القوي الذي وجده الفريق خلال التمارين من محبيه بوقفات مشهودة؛ ما يؤكد أن إدارة النادي بقيادة اللواء عبدالله العديلي استفادت من أخطاء البداية، واعترفت بالأخطاء التي ارتُكبت، واستطاعت التصحيح بالشكل المناسب، ووفق شفافية وقرارات موفقة جدًّا، وتفاعل ممتاز مع الأحداث والمعطيات.
مدرب شجاع
جاء قرار التعاقد مع المدرب التونسي المميز مكرم عبدالله خطوة مفصلية ونقطة تحول كبيرة في مسيرة الفريق، حين استطاع هذا المدرب تشخيص الحالة سريعًا، ووضع المتطلبات الفنية المناسبة، والعمل على توظيف أفراد الفريق بشكل إيجابي، وبواقعية لافتة، وبث روح الانضباط والحماس والقتال على المراكز في ظرف أيام محدودة جدًّا، وإصلاح الخلل الموجود بشكل أثار إعجاب متتبعي الفريق، خاصة أنه أوجد منظومة ممتازة من العمل الانضباطي، واستشعار خطورة المرحلة، وتحمُّل المسؤولية لإعادة الاستقرار الفني والنفسي للفريق.
الأمر الآخر أن خطوة قبول المدرب نفسه لتولي تدريب الفريق في ظل تلك الوضعية الخطيرة (فنيًّا/ نقطيًّا) تعد شجاعة كبيرة منه، لكنه في المقابل وجد أجواء ممتازة للعمل؛ ما كان له الأثر الإيجابي في إحداث تلك النقلة المذهلة حتى استطاع أن يُبقي الفريق في دوري الدرجة الأولى.
وبعد أن تجاوز الطائي أزمته الخانقة تحدَّث عدد من الطائيين عن الوضعية التي مر بها الفريق، وتطلعاتهم لمستقبل الطائي، والخطوات المفترض اتخاذها لرسم خريطة طريق عودة هذا الفارس لسابق عهده، وعدم الوقوع في الأخطاء نفسها، وتكرار ما يحدث موسميًّا.
يقول عضو شرف الطائي ورئيسه السابق خالد العجلان: الحمد لله على كل حال. وحان الوقت لكل الطائيين للعودة إلى ناديهم، ويكفي هجرًا..! عودتكم ستعيد الطائي إلى سابق عهده، ويجب العمل من الآن للموسم القادم.
وقال عضو اللجنة الفنية ورئيس النادي السابق ناصر الحماد: الحمد لله على كل حال. كنا نتمنى لو نبارك لمحبي الطائي بالصعود إلى جميل، ولكن..!
فيما قال عضو اللجنة الفنية ولاعب الطائي السابق زبن الصادر: الحمد لله، الحمد لله. هذه كبوة جواد، ودرس، ورسالة لمحبي الطائي بالوقوف مع هذا الفارس الجريح.
أما عضو شرف النادي سعود العبيد فقال: الحمد لله على كل حال. ألف مبروك البقاء، ولو أني كنت أتمنى أن أبارك بالصعود، لكن يجب التجهيز للموسم القادم من الآن، ويجب التكاتف من الجميع.
ومن جانبه، قال الحارس الدولي السابق محمد الدعيع: تُعتبر الرياضة الواجهة الحقيقية لأي منطقة، وحائل تنتظر وقفة أميرها الأمير عبدالعزيز بن سعد مع واجهة منطقة حائل (نادي الطائي).
وقال عضو شرف النادي سليمان العجلان: ألف مبروك للطائيين جميعًا. ليس هذا الطموح، ولم أتصور أن يأتي اليوم الذي نتبادل فيه التهاني ببقائنا. بأيدينا جميعًا النهوض بالفريق مجددًا.
وأكد عضو شرف النادي صالح المجراد قائلاً: لكل المحبين والعاشقين، جماهير وأعضاء شرف ومجلس إدارة.. التغني بالتاريخ والماضي لن يعيد الطائي إلى مكانه. الطائي يحتاج إلى عمل ومال ورجال.
وقال فهد الطيار: الاستقرار مطلوب، ورئيس النادي عبدالله العديلي مكسب لإدارة الطائي مع دخول ناصر الحماد وزبن الصادر في أي منصب بالنادي. متمنيًا للجميع بالتوفيق.
ومن جانبه، أكد خالد المرشدي: اللواء عبدالله العديلي عاش أيامًا عصيبة.. استخار واستشار.. لم يكابر أو يعاند.. ساهم بالإنقاذ، ويستحق منا كل الشكر.
وقال عبدالكريم الشمري: بقاؤه في ظل استمرار أعضاء مجلس الإدارة مثل رحيله؛ لأن اليد الواحدة لا تصفق، مع أنه بحاجة إلى رجال أصحاب فكر فني، مثل ناصر الحماد وزبن الصادر.
متطلبات المرحلة القادمة
شدد الكثير من الطائيين على أهمية تجديد عقد المدرب مكرم عبدالله في أسرع وقت، إضافة إلى التجديد مع اللاعبين المميزين الذين أثبتوا أنفسهم، وكانوا إضافات فنية كبيرة جدًّا، أمثال عبدالعزيز المفرج وعبدالمجيد الدوسري وحسن حجي وريان الحربي ومشاري العنزي وسلطان الشمري وعيسى السباح، وغيرهم.
أيضًا هناك مطالبات واسعة بضرورة إقناع رئيس النادي اللواء عبدالله العديلي بالاستمرار مع الوقوف معه قدر المستطاع، ودعم النادي ماديًّا، مع العمل على التجديد والإضافة على مستوى الإدارة.
وتأثر فريق الطائي خلال السنوات الماضية بعدم إعطائه الاهتمام الكافي للقطاعات السنية بالنادي من مخصصات مالية ومدربين مؤهلين؛ ما قلص فرص تقديم مواهب جاهزة وتصعيدها لدعم الفريق الأول؛ ما اضطر للاستعانة بتعاقدات (الموسم الواحد)، وهو الأمر الذي زاد من الأعباء المالية للنادي بصورة ملحوظة، وارتفاع (فاتورة الديون) من موسم لآخر..!
كما أن عملية الاستثمار تعد ضعيفة جدًّا في ظل الوضع المعلق للمساحات الاستثمارية بمقر النادي، وصعوبة الإجراءات الروتينية لإفساح المجال أمام الفرص الاستثمارية المتوافرة من أجل إيجاد رافد مادي جيد، يعتمد عليه النادي للإيفاء بالتزاماته المالية بشكل مريح..!
وبعد.. فإن "الناس الذين لا يخطئون أبدًا هم الذين لا يتعلمون إطلاقًا".
إدارة الطائي.. أعضاء شرف النادي.. (التصحيح)، (التجديد)، (الإضافات)، المعالجة الإدارية مطلب لمستقبل أفضل..