يطمح الكثير من أرباب العمل وأصحاب القرار في قطاع الأعمال الخاص والحكومي لبلوغ المورد البشري لديهم الرضا الوظيفي والحصول عليه بأقل التكاليف الممكنة والذي ينعكس على الأداء والإنتاجية وفعالية العمل، فمفهوم الرضا الوظيفي للعاملين يمكن أن يلخص بثلاثة جوانب يتم القياس من خلالها مدى رضا الموظفين عن رب العمل. فالجانب الأول مستوى التعويضات التي يتقاضاها الموظف مقابل ما يقدم من خدمة وعمل وتشمل الراتب والعلاج والإجازات والمكافآت والأمان الوظيفي وغيرها من المزايا التي تفيد الموظف.
والجانب الثاني مستوى المهام والمسؤوليات التي تكون ملقاة على عاتق الموظف ويجب أن يعمل على أدائها بشكل مستمر طوال بقائه في الوظيفة ومايواجه حين أداء العمل من صعوبات وعوائق.
أما الجانب الثالث فيعود إلى شخصية وإدراك الفرد للعمل الذي يؤديه ومايرغب أن يحصل عليه وهذا الجانب لايستطيع أن يواجهه ويعمل على استثماره نحو مصلحة المنظمة سوى مدراء الموارد البشرية المحترفين وأرباب العمل المتميزين.
ومن ذلك نستطيع أن نلاحظ في بيئة العمل السعودية التي تتميز بالتنوع الثقافي في كثير من القطاعات الحكومية والخاصة التي يعمل فيها من مختلف الجنسيات من قارات العالم صورة ضبابية عن مدى الرضا الوظيفي لهؤلاء العاملين ووجود إشارات تدل على انعدامه فظهرت كثير من العوائق والصعوبات لمنظمات الأعمال الكبيرة والجهات الحكومية وأصحاب المشاريع الصغيرة والناشئة فزاد لديها التسرب الوظيفي للعمالة الماهرة وازدادت العمالة التي لا تملك مهارات العمل المهني وهاجرت الكفاءات المتمرسة في مجال الطب والهندسة والإدارة وزادت التكاليف والأعباء وفشلت المشاريع الضخمة بسبب غياب المورد البشري المنتج الذي لم يتم الحفاظ عليه بقصد أو بغير قصد.
فكما ذكرنا في الجانب الثالث فثقافة الفرد وإدراكه للعمل لايمكن أن يستوعبها أي مدير موارد بشرية غير محترف وغير متمكن أو صاحب قرار في أي منظمة عمل مماينعكس على أداء الموظف والعامل وحرصه على الاستمرارية في العمل.
إن من أولويات تحقيق النجاح في تطوير الاقتصاد السعودي وحفظ مقدراته تماشيا مع رؤية المملكة 2030 هو أن نقوم بتطوير مهارة مدراء الموارد البشرية ومدراء شؤون الموظفين وأصحاب المؤسسات والمشاريع الصغيرة على كيفية التعامل مع طاقم العمل الذي يمثل مورد أساسي لديهم والحفاظ عليه وحل جميع المشاكل التي تواجهه من أجل نجاح المنظمة وزيادة أرباحها. ومن خلال العناية بتدريب المورد البشري القادم من الخارج والحفاظ عليه وكذلك من خلال تشريعات وزارة العمل لكي تسهم في استقراره في العمل الذي قدم لأجله.
ففشل كثير من المشاريع الحكومية والخاصة لم يكن بسبب الفساد كما يشاع فلسنا لهذه الدرجة من السوء بل يعد من أبرز الأسباب فقدان التعامل المثالي مع الموارد البشرية المهاجرة إلى بلادنا مما أدى إلى تسربها أو إلى ضعف كفاءتها والدافعية لديها تجاه العمل وبالتالي يكون الأثر سيئا على اقتصاد بلادنا المتين.