خالد بن حمد المالك
هذه بشارة جديدة، وفرح غير عادي يرفرف على إنسان هذا الوطن، إنها خطوة ضمن خطوات سبقتها لبناء دولة حضارية واقتصادية، تسندها قوة عسكرية بسواعد أبنائها، وبسلاح سيكون من صنع أيديهم، فما أعظمها من إضافة جديدة ومهمة على الطريق الطويل الذي بدأ به الملك سلمان عهده، وواصل ما وعد به، في كل اتجاه، وحيثما كانت هناك مصلحة لمواطنيه.
* *
تأتي يا أبا سلمان - محمد بن سلمان - لتعلن للمواطنين كما عودتنا دائماً عن جديد ترسم به المستقبل لوطن آلت قيادته بأن يكون دائماً في الصفوف الأولى، وفي المواقع المتقدّمة، بقوته، وتنوّع مصادر دخله، وتوازنه في التعاطي مع السياسة، وحكمة وعقلانية قادته إلى استخدام الأسلوب الأمثل في علاقات المملكة الدولية، بما أكد على الدوام أنه ليس لهذه القيادة من هم، أو شاغل، إلا خدمة المواطن.
* *
ولا شيء يفرح به المواطن، ويقترب منه بارتياح، ويشعر بأنه جزء منه، أكثر من تلك المفاجأة التي تمثّلت في الإعلان عن إنجاز على مستوى الوطن، وخطوة سوف تعزِّز مكانته بين دول العالم الكبرى، وتوجه نحو الاعتماد على النفس والإمكانات الذاتية في الحياة الحرة الكريمة، فكيف إذا صاحب ذلك إنشاء شركة لصناعة السلاح بأيدي أبناء الوطن، وبالإعلان عن شركة عملاقة سيكون إنتاجها بتصرف قواتنا المسلحة، وأن إنتاجها سوف يستخدم بسواعد الرجال الأشداء من أبنائنا العسكريين، بعد سنوات من الاعتماد على شراء ما نحتاجه من المصانع الحربية في مختلف دول العالم، بأغلى الأسعار، وبالشروط التي تتحكم بها دول مصدر الإنتاج.
* *
ومنذ تسلُّم الملك سلمان الحكم في البلاد، لاحظنا تركيزه واهتمامه بصندوق الاستثمارات العامة، انطلاقاً من نقله من وزارة المالية، وإعطائه مسؤوليات كثيرة، وجعله تحت مظلة اللجنة الاقتصادية والتنمية برئاسة سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي يقود التوجه الاقتصادي والعسكري في البلاد، ويتحمّل مسؤولية الرؤية 2030 التي يأتي إطلاق الشركة السعودية للصناعات العسكرية كأحد المكونات الهامة لهذه الرؤية، وضمن السعي لتكون الشركة محفزاً أساسياً للتحول في قطاعات الصناعات العسكرية ليصبح قادراً على توطين 50 % من إجمالي الإنفاق الحكومي العسكري.
* *
ومن المؤكد أن إطلاق هذه الشركة لم يأت من فراغ، فالمملكة تعد من أكبر خمس دول إنفاقاً على الأمن والدفاع على مستوى العالم، بينما لا يتعدى الإنفاق محلياً 2 %، ما جعل الأمير محمد بن سلمان، وهو وزير الدفاع يضع - على ما يبدو - في أجندته منذ تسلّمه حقيبة وزارة الدفاع ضرورة توطين التصنيع العسكري في المملكة، وكانت المفاجأة أن يتم الإعلان عن الشركة بكل هذه التفاصيل، مع التأكيد على أن عمليات البحث والتطوير سوف تستمر، وأنه قد خُصص لها نحو ستة مليارات ريال، وكل هذا من أجل أن تصبح الشركة منصة مستدامة لتقديم المنتجات، والخدمات العسكرية، وعلى أن تستوفي أرفع المعايير العالمية.
* *
في بيان صندوق الاستثمارات العامة أشار إلى أن الهدف الإستراتيجي للشركة أن تصل إلى مصاف أكبر 25 شركة صناعات عسكرية عالمية مع حلول 2030، بما يجعلها شريكاً قوياً في قطاع الصناعات العسكرية، وبما يجعلها قادرة على توفير 40 ألف فرصة عمل في المملكة معظمها في مجال التقنيات المتقدِّمة والهندسة، إلى جانب توليد أكثر من 30 ألف فرصة عمل غير مباشرة، فضلاً عن تخطيط الشركة للإعلان عن عدد واسع من برامج وفرص التدريب والرعاية للطلاب في الجامعات والكليات التقنية والفنية ليكونوا مهيئين للعمل في الشركة.
* *
الأمير محمد بن سلمان قال كثيراً عن هذه الشركة لحظة الإعلان عنها، من بين أهم ما قاله - وهو كثير- أن الشركة سوف تطرح منتجاتها وخدماتها في أربعة مجالات حيوية يكفل بعضها بعضاً، وهذه المجالات الأربعة هي: مجال الأنظمة الجوية، ويشمل صيانة وإصلاح الطائرات ثابتة الجناح وصناعة الطائرات بدون طيار وصيانتها، ومجال الأنظمة الأرضية، وتشمل صناعة وصيانة وإصلاح العربات العسكرية، ومجال الأسلحة والذخائر والصواريخ، ومجال الإلكترونيات الدفاعية، وتشمل الرادارات والمستشعرات وأنظمة الاتصالات والحرب الإلكترونية.
* *
وقال ولي ولي العهد، وهو يبشِّر المواطنين بهذا الإنجاز، بأن الشركة ستعمل على تأسيس شركات تابعة في كل من هذه المجالات الأربعة من خلال مشاريع مشتركة مع شركات التصنيع الأصلية OEMS وبالاستفادة من الشركات الصناعية العسكرية المحلية، مع التخطيط مستقبلاً لتأسيس مزيد من وحدات الأعمال، أي أننا بهذه التفاصيل، وكأننا جزء في المشاركة بهذا الإنجاز، بل وكأننا كمواطنين مدعوون إلى أن نكون إلى جانب ترجمة هذا التوجه إلى تطبيق وفق برنامج عمل لا يستثني أحداً منا.