أحمد بن عبدالرحمن الجبير
يؤثر تراجع الاقتصادات وتآكل الدخول والتضخم سلبا على الأمن الاجتماعي، وبخاصة إذا كانت هذه التراجعات صادمة، وعميقة، حيث يؤدي ذلك لشيوع السرقات، وأعمال القتل، والاجرام والتطرف السلوكي، ولكن ولله الحمد، بلدنا لديه إمكانات اقتصادية كبيرة، وتأثير التراجعات الاقتصادية العالمية لم يؤثر كثيرا على نسيجنا الاجتماعي، وأمننا الوطني.
ولا شك أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - قد استطاعت منذ سنوات عديدة، وماضية تحقيق معدلات نمو جيدة، ومرتفعة في الأمن الاجتماعي، وتحسن في أداء الاقتصاد الوطني، وذلك بروح التعاون بين المواطن، والمجتمع والدولة، لكن تظل المرحلة القادمة مهمة في عالم يتسم بالأزمات وانفلات الأمن الاجتماعي والاقتصادي العالمي.
ولا أحد ينكر بأن المواطن السعودي، يدرك أهمية الامن، والاستقرار، وهناك عديدون لهم مساهمتهم في تعزيز الامن، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، وان علينا كمجتمع وقوى متنورة، وخيرة أن نعزز الامن، وان نحول دون وقوع أي فوضى مهما كانت طبيعتها، حتى لو كانت تزاحم على أحد المطاعم او المولات، أو سرعة خطرة على الطرقات، أو محاولة سرقة ولهذا فإن المجتمع المستقر، هو من يبادر لدعم هذا الاستقرار، ولا ينتظر أي مكافأة على موقفه وطني.
ولكي نصل الى مستوى أفضل من التعاون المجتمعي، والتعاون بين المجتمع والدولة، فإن علينا مسؤوليات إدامة هذه العلاقات، وتفعيل الصلات الحية بين افراد المجتمع، وان نحرص على بث روح التعاون، والتضامن دائما، وان نساهم في أعمال الخير والبر، وكذلك تشجيع المواطن على مواصلة النمو، والمشاركة في المسيرة الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية بشرط أن يراعى فيه شروط العدالة الاجتماعية بين جميع فئات المواطنين، وبذلك يتم الحفاظ على أمن الوطن لأن غياب الأمن يعني غياب الاطمئنان والحرية، وانعدام التنمية الاقتصادية.
إن وعي المواطن، ومستوى تأهيله، وقدراته على الانطلاق، والابتكار يحقق الأمن الاجتماعي والاقتصادي، فكثير من الدول المتقدمة لا تمتلك الكثير من الثروات، والموارد الطبيعية التي تؤهلها للتقدم، والتفوق والمحافظة على أمنها الاقتصادي، وإنما اعتمادها على الإنسان الواعي والمؤهل والمنتج، واعتمادها على ذوي الخصائل الحميدة، والطيبة التي تحقق الترابط الاجتماعي والانساني فيما بينها.
ومن يملك الموارد البشرية المؤهلة، والخصال الحميدة يملك القدرة على التطور، والنمو ويبتعد عن مؤسسات الترويض، والتجنيد الأجنبية التي عجزت عن فتح أوكار لها في مجتمعنا لحصانته الوطنية، والدينية والاجتماعية، فالمواطن السعودي يقدر قيادته، ومؤمن بأنها تعمل لصالحه ولهذا فوت الفرصة على المتربصين، والطامعين في ثرواته واقتصاده، واثبت أنه عصي على الاختراق، ولا يقبل تدمير اقتصاد بلاده، عبر اشاعات يطلقها المغرضون دون أي سند.
فشباب الوطن ليسوا شبابا طائشا، ولا تحركهم الفضائيات، والأجندات الخارجية، فهم شباب واع مثقف يقرأ، ويحلل ويتابع غير منفصل عن العالم الخارجي، وسلوكه العام متحضر، ومتطور ومتمدن، ويسعى إلى المحافظة على أمنه الوطني، وافراده ومجتمعه، وأفضل بكثير من العديد من النظم التي ادعت الديمقراطية، والحريات العامة، واذا ما وجدنا حالة هنا أو هناك فإنها لا تقبل التعميم، فالخط العام ايجابي، وفيه قوة ابداعية يجب توظيفها واستثمارها.
لذا يفترض إنشاء مراكز وطنية للأمن الاجتماعي في كل حي، يقف على إدارتها مجموعة منتخبه من مثقفي الحي لتكون همزة وصل اجتماعية، وثقافية واقتصادية بين الأجيال، ويكون لها دور في تعزيز الأمن، والاستقرار الداخلي، وبذلك كله يزدهر التعليم، وتتسع مجالاته، وينمو الاقتصاد، ويطمئن الناس على دينهم وأنفسهم، وأعراضهم وأموالهم، ومستقبل أولادهم، ويشعر أفراد المجتمع بالأمن، والاطمئنان في هذا الوطن المعطاء.
وعلى الدولة الاهتمام والاستثمار في الأمن الاجتماعي، ووضع يدها بأيدي أبنائها من شباب وشابات الوطن، ودعم الجهود المخلصة لكل منهم بحسب موقعه، ونوع وظيفته، وتخصصه ونشر الوعي، وتجنيد الطاقات، وتفعيل المؤسسات العلمية، وتوزيع الواجبات على مختلف التخصصات، وحث المسؤولين على العدل بين الناس وعدم الظلم.
وتقديم أفضل الخدمات الصحية لهم، وتطويرهم بالتدريب والتعليم، وتهيئة السكن المناسب لأسرهم، وإدراك أهمية العدل بينهم، واستشعار الأمانة التي أوكل المسؤولون بها من قبل ولي الأمر، وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه، واختيار المواطن الكفء والمناسب للمكان المناسب بدلا من المحسوبية بنفع الأقرباء والأصدقاء، ونبذ الفساد والتعدي على المال العام حتى لا يطمع الآخرون فينا، ويشاركونا في قوتنا ومعيشتنا.