جاسر عبدالعزيز الجاسر
يؤكد المتابعون ورجال الفكر السياسي والإعلاميون من دول شتى موجودون في الرياض لمتابعة قمم الرياض الثلاث، أو المشاركة بها كخبراء لدولهم، أو لتغطية وقائعها ودراسة نتائجها كإعلاميين، يؤكدون أن ما ستشهده الرياض في تلك القمم يُعَدُّ نقلةً نوعية في العلاقات الدولية لا تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وحدهما، إذ يتعدى ذلك لجميع دول الخليج العربية ولست وخمسين دولة إسلامية.
نعم عقد القمة السعودية الأمريكية ستكون قمة مهمة جداً على صعيد العلاقات الإستراتيجية الثنائية بين البلدين، والتي تعد الأساس والمرتكز وقاعدة العلاقات الأمريكية العربية والإسلامية، والتي سيتم من خلالها تحسين وتطوير لمجمل العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، والتي شهدت تباطؤاً في عهد إدارة الرئيس الأمريكي السابق أوباما، مما يستدعي تحسينها بل وحتى تفعيلها لمعالجة أي قصور حصل في تلك الفترة. والعلاقات السعودية الأمريكية عميقة وذات بعد تاريخي، إضافة إلى الأبعاد الإستراتيجية والاقتصادية، ولابد من أن قمة تجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي دونالد ترامب حتماً ستناقش وتبحث إضافة إلى تعزيز العلاقات التاريخية والإستراتيجية والاقتصادية أوجه التعاون بينهما حول مختلف القضايا على الساحتين الإقليمية والدولية، بما يعزز الأمن والاستقرار العالمي. وقد لاحظ المتابعون أن كثيراً من التقارب والتعاون بين واشنطن والرياض قد تحقق في الأشهر الماضية، وبالتحديد منذ لقاء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بالرئيس الأمريكي ترامب في البيت الأبيض، حيث وضحت الرؤيا أمام سيد البيت الأبيض وإدارته عما يمكن أن تضيفه المملكة العربية السعودية لدعم الأمن والاستقرار، ليس في المنطقة فحسب بل في العالم أجمع.
ولأن القمة الأمريكية السعودية ستتزامن مع اللقاء التشاوري لقادة دول الخليج العربية، فإنها ستكون مناسبة لتوحيد مواقف دول الخليج العربية الستة، والتي يعد موقفها موقفاً مؤثراً، لموقعها الإستراتيجي وثقلها الاقتصادي الذي لابد وأن يعزز ويرفع من شأن رأيها السياسي، ولابد من أن تضامن دول الخليج العربي ومخاطبتها للرئيس الأمريكي في موقف موحد عاكساً التضامن الخليجي الموحد سيعزز مواقفها الاقتصادية والسياسية والإستراتيجية، مثبتاً موقف حليف إستراتيجي مهم، خصوصاً أن دول الخليج العربية تتعرض لتهديدات وأطماع يعرفها الجميع ويتعامل معها تقريباً يومياً.
بعد ذلكما اللقاءين تأتي ذروة القمم الثلاث، فالقمة الإسلامية الأمريكية التي تعقد في اليوم نفسه تأتي في ظل تحديات وأوضاع دقيقة يمر بها العالم، وفي وقت شُوِّهتْ فيه صورة الإسلام والمسلمين ودوله، بعد فهم خاطئ كان مبعثه توجهات لم تكن بريئة من الإدارة الأمريكية السابقة، إذ كان الرئيس السابق أوباما يروج لما يسميه بالإسلام الجديد، ويقصد به فكر ملالي طهران الذي وضح للأمريكيين الآن، وهو ما كان يغطي عليه أوباما بأنه فكر يدعم ويؤسس لإرهاب طائفي أجج وأطلق إرهاباً طائفياً مضاداً هم من ساعدوه على توسعه ونشره.
ولهذا فإن القمة الإسلامية الأمريكية ستكون قمة تاريخية تؤسس لشراكة جديدة في مواجهة التطرف والإرهاب، ونشر قيم التسامح والتعايش المشترك، وتعزيز الأمن والاستقرار والتعاون خدمة لحاضر ومستقبل الشعوب الإسلامية والبشرية جمعاء، من خلال تصحيح المفاهيم ومواجهة داعمي الإرهاب والتصدي للإرهابيين من جميع الداعمين له والداعمين والمنفذين له.