م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. يوصف الفرد حينما يكون من العامة بأنه كقارب بلا مجاديف في لجة البحر.. فقط هو تشكيل عضلي تتقاذفه الأمواج ويرسو حيثما تريد لا حيث ما يريد هو.. فالفرد من العامة يسير مع الجموع لا يدري إلى أين تسير ولا يملك الرأي في تحديد إلى أين يسير.
2. الفرد من العامة لا يريد أن يظهر أو يُخْتبر أو يُواجه.. هو فقط يريد الستر والسكون واستمرارية الحياة في حدودها الدنيا ولا تتجاوز طموحاته التمني وحدوث الصدف الكبرى.. لذلك فمن سمات المحافظة والتعقل لديه ألا يكون مبادراً أو يكون الأول أو السَبَّاق في قول أو فعل أو تقليد.. وذلك في كل الأمور الخاصة والعامة التي يراها خروجاً عن السائد المعتاد.. فهو يفضل أن يكون وسطاً بين الجموع مختفٍ بينها.
3. يرى الفرد من العامة أن العمل السوي في الشأن المجتمعي هو أن يراقب وينفعل ويشتهي ويتمنى لكنه لا يجرؤ أن يفصح عما بداخله ولا يرغب في أن يكون المبادر.. كما لا يريد أن يكون طرفاً في أول الجموع ولا في آخرها.. كل ما يريده هو أن يكون وسط العامة أمثاله.. يسير كما يسيرون ووفق قوة دفعهم ومع اتجاههم حتى ولو كانت قدرته وإمكاناته تتيح له سيراً أسرع أو كان الاتجاه الذي يراه صحيحاً مختلفاً عن اتجاههم!
4. ينظر الفرد من العامة إلى المبادر في الجهر بالاختلاف السياسي أو الفكري أو المجتمعي على أنه متطرف أو على الأقل متهور لم يخْشَ قمع السلطة أو نظرات الناس وأقوالهم.. ويعجب كيف أنه لا يخاف من تبعات مواجهة الرفض لما يقول أو يفعل وتأثيره عليه.. لذلك فهو يرى أن من الحكمة أن يضيع ضمن الحشود والموت مع الجماعة.
5. بقدر إيمان الفرد من العامة بأهمية الحرية مثلاً فهو لن يطالب بها ولن يتحرك مع أول المبادرين لها بل ينتظر من الآخرين المطالبة بها.. ويكفيه انتظار اغتنام نتائجها إن نجحت أو اتقاء تبعات فشلها إن فشلت.. وفي زعمه أن المبادرة فرض كفاية إن قام بها البعض سقطت عن الباقين.
6. مع كل هذا التواري والحذر إلا أن العامة هم حطب الحروب وضحايا الكوارث.