جاسر عبدالعزيز الجاسر
قبل أن يتوجه الرئيس الأمريكي ترامب إلى المملكة العربية السعودية، وقبل أن يصل إلى الرياض بعد يومين، أصبحت الرياض قبلة للصحفيين الدوليين والباحثين في مجال العلاقات الدولية إضافة إلى تدفق مئات الأخصائيين السياسيين والأمنيين والاقتصاديين إلى العاصمة السعودية، فوجود ستة وخمسين ملكاً وأميراً ورئيس دولة وحكومة، إضافة إلى رئيس أهم وأقوى وصاحبة أغنى اقتصاد على وجه الكرة الأرضية في مكان واحد، لا بد أن يجلب كل هذا العدد من الإعلاميين وخبراء السياسة والاقتصاد والأمن، فمثل هذا التجمع الدولي لا يحدث دائماً ولا يتكرر دائماً، خاصة أن بنود البحث التي سيتداولها رئيس أهم دولة مع ستة وخمسين زعيماً لأكبر كتلة دولية تمثل نسيجاً ثقافياً وفكرياً ودينياً، تعاني دولها من كثرة الأزمات والحروب بل وحتى الاستهداف، ولهذا لم يكن اختيار الرئيس الأمريكي المملكة العربية السعودية كأولى الدول التي يزورها والتي يطل من خلالها على المجتمع الدولي، وأن تشهد عاصمتها الرياض عقد ثلاثة اجتماعات قمم مهمة، أولها عقد قمة مهمة مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في تأكيد من أعلى مسئول أمريكي على تغيير التفكير الأمريكي الذي كان يسير عليه الرئيس السابق، ويتبع هذه القمة التي سيستهل بها الرئيس ترامب قممه الثلاث، قمة أخرى تجمعه بقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست، وهي أيضاً تؤكد الانعطافة الأمريكية المهمة التي تستهدف تعزيز تحالف أمريكا مع حلفائها التقليديين في المنطقة الذين أكدوا وفي العديد من المناسبات والأزمات صدق تعاملهم والتزامهم بمعايير الأمن والسلام الدوليين.
تأتي القمة الثالثة وهي أكبر تجمع لقادة الدول بعد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان لاختيار المملكة العربية السعودية لتنظيم هذا التجمع الدولي الكبير، وخصها باستضافة هذا العدد الكبير من قادة الدول، فهم للأمريكيين ومعرفتهم على قدرة وقوة المملكة العربية السعودية ليس فقط في توفير المهام والاحتياجات اللوجستية المطلوبة في ظل هذه الاجتماعات التي تتطلب توفير قدرات مميزة وخاصة لتلبية حاجيات وفود ست وخمسين دولة يرأس وفودها قادتها من ملوك وأمراء ورؤساء دول وحكومات التي تتطلب أماكن إقامة متميزة، إضافة إلى تحقيق أقصى درجات الأمن وتوفير الخدمات المصاحبة من اتصالات وتنقلات ليس للوفود فقط بل لجيوش الخبراء والإعلاميين الذين وصل البعض منهم فعلاً للرياض، بل وهو الأهم في مثل تنظيم هذه اللقاءات الكبيرة والموسعة التي تتمثل في إقناع كل الدول الإسلامية وقادتها على الحضور للرياض والمشاركة في القمة الإسلامية الأمريكية، ولذلك فإن الأمريكيين وخبراءهم في العلاقات الدولية قد فضلوا الرياض على غيرها من العواصم الأخرى لمعرفتهم بقوة السعوديين في عقد الاجتماعات المهمة ونفوذهم الكبير وقوة إقناعهم في العالم الإسلامي.