هدى بنت فهد المعجل
سُئِل الأديب التركي (أورهان باموق) الحائز على جائزة نوبل للآداب عام 2006م: أين تكتب؟ فكان أن أجاب: (لطالما اعتقدت أن المكان الذي تنام فيه أو المكان الذي تتقاسمه مع شريك حياتك يجب أن يكون منفصلاً عن المكان الذي تكتب فيه).
وأردف يقول: «إن الطقوس المنزلية والتفاصيل تقتل الخيال بطريقة ما. إن الجو العائلي والروتين اليومي يجعلان من التوق إلى العالم الآخر، الذي يحتاج إليه الخيال لينشط، يضمر ويضمحل. لذلك فلسنوات عديدة كان لدي دائماً مكتب أو مكان صغير خارج المنزل لأعمل فيه. كان لدي دائماً شقق مختلفة. ولكن في إحدى المرات أمضيت نصف فصل دراسي في الولايات المتحدة حين كانت زوجتي السابقة تحضر الدكتوراه في جامعة كولومبيا. كنا نقيم في شقة مخصصة للطلاب المتزوجين ولم يكن لدينا أي مكان. لذا فقد اضطررت للنوم والكتابة في نفس المكان».
ثم واصل: «الأشياء التي تذكرني بالحياة العائلية كانت تحيط بي. وهذا أمر يزعجني. في كل صباح اعتدت على أن أودع زوجتي مثل شخص ذاهب إلى العمل. كنت أغادر المنزل، وأمشي حول بضعة صفوف من المباني، لأعود مثل شخص يصل إلى المكتب. قبل عشر سنوات عثرت على شقة تشرف على البسفور مع إطلالة على المدينة العتيقة. وهي تحظى ربما بأحد أفضل المشاهد على اسطنبول. إنها تبعد خمسة وعشرين دقيقة مشياً عن المكان الذي أقيم فيه. إنها مليئة بالكتب».
طقس مكثّف لمن يعرف كيف يؤسس لإبداع، لا يبتغي به الشهرة؛ بقدر ما أن همّه إنتاج وصناعة نهضة روائية لا تشبه سواه.
الإبداع لا يتأتى وأمواج العلاقات أو الارتباطات تقلبنا ذات اليمين وذات الشمال، أو مسؤوليات تأخذنا ولا ترجعنا. النسق الإبداعي يتطلع إلى بيئة تتناسب ونوع ذلك الإبداع أو تتفق مع ملامحه والخيالات المجنَحة في عدم احتمالها لسقف أو جدر تقيدها.