لقد أولت المملكة العربية السعودية ممثلة بجامعة الملك سعود اهتماماً واضحاً بعلم (الجيولوجيا)، إذ يعتبر هذا التخصص واحداً من أقدم التخصصات التي بدأ تدريسها في هذه الجامعة منذ السنة الأولى لتأسيسها، كما يعد هذا العلم واحداً من أشهر العلوم التطبيقية التي تطورت وازدهرت خلال السنوات الأخيرة بفضل ما يسره الله من تقدم واضح في وسائل الاستكشاف وأجهزة التصوير الفضائي ونحوها، وقد انعكس هذا الازدهار على معظم جوانب هذا العلم ولكن الجانب الاقتصادي حظي بنصيب وافر من ذلك.
فالجيولوجيا الاقتصادية هي الفرع الذي يهتم بدراسة الخامات المعدنية ذات القيمة الاقتصادية التي قد تكون موجودة في القشرة الأرضية وخصوصا في المناطق الرسوبية وذلك من حيث أماكن وجودها وكمياتها وأشكالها والطرق الممكنة لاستخراجها واستثمارها.
ومن المعادن ذات القيمة الاقتصادية التي تستهدفها الجيولوجيا الاقتصادية وتهتم بها: الذهب، الفضة، الحديد، النحاس، الألمنيوم، اليورانيوم، الفوسفات، السيليكون، الفحم الحجري وغيرها.
وتختلف أماكن وجود هذه الخامات على الأرض، فمنها ما يكون ظاهراً على السطح كالسيليكون والفوسفات، ومنها ما يكون مختلطاً بصخور القشرة الأرضية كالذهب والفضة والنحاس، ومنها أيضا ما يوجد في خزانات خاصة في الطبقات الرسوبية كالنفط والفحم الحجري.
ومع الأهمية الخاصة والكبيرة لما تضمه القشرة الأرضية من كنوز وثروات، فإن من الطبيعي أن يكون الاهتمام باستخراج هذه الثروات كبيراً جداً، وقد أولت الدولة في القطاعين الحكومي والخاص الاهتمام اللازم لاستغلال هذه الكنوز والاستفادة منها، ولكن ما يلاحظ أن مجال التعدين ما زال حكراً على عدد قليل ومحدود من الشركات المتخصصة على الرغم من أن هذا المجال يعد واحداً من الفرص الجيدة والواعدة لعمل الشركات والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة ونموها، وكذلك لاستقطاب الجيولوجيين والمهندسين والفنيين وغيرهم، وتوفير واستحداث العديد من الوظائف المختلفة فيما يعود عليهم وعلى الدولة بمداخيل مالية جيدة، وفي الوقت نفسه يواكب بدرجة كبيرة رؤية المملكة 2030.
ومن خلال هذا المقال أوجه الدعوة لمعالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية راجياً إعادة النظر بسياسة الوزارة الخاصة بهذا الجانب لتحقيق رغبة المستثمرين والجيولوجيين وغيرهم وفتح هذا المجال أمامهم، تحت إشراف الوزارة وبمساعدتها للبحث والتنقيب واستخراج هذه الثروات، وأكاد أجزم أن هذا المجال قادر على استيعاب عشرات المؤسات الاستثمارية نظراً لاتساع أراضي المملكة وتنوعها الجغرافي والجيولوجي.
والله من وراء القصد
عمر صالح الصعب - قسم الجيولوجيا بكلية علوم جامعة الملك سعود - عضو الجمعية السعودية لعلوم الأرض