ضمن إحدى القرارات الملكية التي جاءت مواكبة مع إعلان المملكة لرؤيتها المستقبلية 2030، هو قرار إنشاء الهيئة العامة للترفيه، وذلك لما يمثله قطاع الترفيه من أهميّة كبرى في تنمية الاقتصاد الوطني، ومنح مدن المملكة قدرة تنافسيّة دوليّة، وجعلها بيئة جذب واستقطاب للزوار من داخل المملكة وخارجها.
حيث أشار سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله- أثناء تدشينه رؤية المملكة2030 إلى تفعيل دور الصناديق الحكومية المختلفة في تأسيس وتطوير المراكز الترفيهية، وتشجيع المستثمرين من داخل وخارج المملكة، وعقد الشراكات مع شركات الترفيه العالمية، وتخصيص الأراضي لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف ومعارض وفنون ومسارح وغيرها من الفعاليات والأنشطة.
وهذا ما يؤكد بلاشك حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله ورعاه- على توفير حياة كريمة ورفاهية للمواطنين والمقيمين، وخلق بيئة ملائمة تسهم في تحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، والعمل على تنويع مصادر الترفيه، وتوفير فرص العمل، وإظهار المواهب والحرف والابتكارات لدى المشاركين من خلال الأنشطة والفعاليات المزمع إقامتها من قبل الهيئة العامة للترفيه.
وتقوم الهيئة العامة للترفيه بالتنظيم والإشراف على أكثر من 300 نشاط ترفيهي خلال عام 2017م، في بعض مدن المملكة، وتسعى الهيئة من خلاله على زيادة إنفاق الأسر على الأنشطة الثقافية والترفيهية داخل المملكة من المستوى الحالي والبالغ 2.9% حتى يصل إلى 6%، وأيضا ستهدف الهيئة إلى زيادة نسبة مشاركة المرأة في القوى العاملة من 22% حتى تصل إلى 30%، وفي أول حضور ومشاركة للأنشطة والفعاليات التي نظمتها الهيئة، فقد بلغت نسبة الحضور 143 ألف زائر في الثلث الأخير من عام 2016م.
ومن المتوقع في عام 2017م أن تتجاوز نسبة الحضور لروزنامة الترفيه أكثر من مليون زائر، وذلك لتعدد الأنشطة والفعاليات التي تناسب كافة طبقات المجتمع وفئاته في مختلف مدن المملكة.
وحيث ستوفر الأنشطة والفعاليات والمهرجانات لروزنامة الترفيه العديد من فرص العمل، والتي من أهمها الحرف اليدوية وتقديم الأطعمة والمشروبات، والملابس، ومجالات أخرى وتشمل التنظيم، والتصوير والإعلانات.
وبالإضافة إلى أن روزنامة الترفيه تستهدف جميع فئات المجتمع، فبالنسبة لفئة العائلات والذكور فتبلغ النسبة 55%، أما فئة العائلات فقط فتبلغ النسبة 30%، ولفئة الشباب فقط فتبلغ النسبة 11%، وأما فئة الأطفال والذكور فتبلغ النسبة 4%.
ومن الفوائد الإيجابية التي سيسهم بها قطاع الترفيه بمشيئة الله، إشغال أوقات أفراد المجتمع وبخاصة فئة الشباب منهم فيما يعود عليهم بالنفع والمصلحة العامة، والإستفادة من حماسهم ورغبتهم في خدمة المجتمع، واستثمار أوقاتهم بالطرق الصحيحة والنظامية، وتنمية مهاراتهم، ومنحهم الفرصة في كسب الخبرة، وعدم الاعتماد على الوظائف، وبالتالي ستنخفض لدينا معدلات البطالة على المدى المتوسط والبعيد، وسيقل طلب التوظيف على الجهات الحكومية، وسيكون لدينا بمشيئة الله جيل قادر بالاعتماد على نفسه دون مساعدة من أحد، ومن الفوائد الايجابية أيضاً سيعمل قطاع الترفيه على تعزيز ثقافة الانتماء للوطن، وغرس مفهوم الاعتماد على النفس، وتعزيز الراوبط الأسرية، وطرح أفكار جديدة ورؤى مستقبلية ستسهم في خلق بيئة متوازنة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
ولضمان استمرار نجاح هذه المنظومة الترفيهية فيما يخدم أفراد المجتمع بشكل مستمر وفعال لتحقيق الفائدة المرجوة، يجب على الهيئة العامة للترفيه فتح قنوات للتواصل مع المستفيدين بشكل مستمر، والنظر في مقترحاتهم وآرائهم، وعمل استبيان دوري لمعرفة مدى احتياجات المستفيدين والإستفادة من هذا الاستبيان لتطوير روزنامة الترفيه. بالإضافة إلى أنه يجب على الهيئة أن تعمل على توفير أنشطة وفعاليات تكون أسعارها رمزية لتسهل حضور جميع أفراد المجتمع، والمتابعة مع المنظمين، للتأكد من تطابق أعداد الحضور مع الطاقة الاستيعابية للمكان، وذلك ليسهل عملية التنظيم والمراقبة والاستفادة من الفعالية. كما يجب وضع احصائية دورية لبعض البيانات الهامة والتي تشمل أعداد الحضور، وأعداد فرص العمل التي وفرتها الفعاليات والمعارض والمهرجانات، والتركيز أيضاً للتحول من مجرد التنظيم والإشراف، إلى صناعة الترفيه.
نواف بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ - كاتب وباحث في الشؤون الاجتماعية