د.ثريا العريض
التأجج الطائفي في الدول المجاورة للمملكة على كل الحدود، يجعل ما صرَّح به سمو ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي في مقابلته التلفزيونية الأخيرة استنتاجاً منطقياً؛ من أن المستهدف الأخير من تأجيج المنطقة هو أمن المملكة, وأننا لن ننتظر أن تنتقل المعركة من العراق وسوريا ولبنان واليمن إلى أرضنا, بل سننقلها إلى أرض من يؤججونها, وهم الملالي.
إيران, حقيقة, هي المتهم الأول في إشعال الصراعات, وبالذات المذهبية بين المسلمين، متشبثة بشعارات دستورية عدوانية, بدئاً بمبدأ تصدير الثورة والاستعداد لهيمنة خلافة مذهبية تحشد المنطقة لظهور المهدي المنتظر. إلا أنها ليست المتهم الوحيد, ولا هي أيضاً المستفيد الوحيد من إضعاف قدرة المملكة على حماية الجوار العربي, غير أنها المفعل الأوضح نشاطاً منذ الثورة الخمينية للبلبلة والصراعات في المنطقة، عبر التحريض في دول الخليج، والتحكم في العراق، وترسيخ حزب الله في لبنان، ودعم بشار في سوريا, والحوثية في اليمن.
هذا عدا الأصابع الخارجية التي ترسم وتمول خططاً لتقسيم خارطة دول المنطقة لتعيد تشكيلها مفتتة وضعيفة على أسس إثنية تناسب أغراضها غير المعلنة. تصاعد الإرهاب في المنطقة وعالمياً واضح ومأساوي النتائج، حيث يدفع ثمنه الأبرياء على مدى الخارطة العربية والإسلامية. وحتى غير العربية لم تستطع النأي بأنفسها عن وصول إجرام الاستهداف إليها. حيث نراه متداخل الجذور ومتعدد جهات الدعم المالي واللوجستي ومتلون الإستراتيجيات من الخلايا النائمة إلى العنقودية إلى الذئاب المنفردة. ومحاولة ربطه بمظلة الإسلام إستراتيجية مقصودة لإخفاء جذور أهدافه السياسية.. وهذا يؤكد ضرورة العمل كجبهة واحدة لمواجهته والقضاء عليه.
رغم أن البنود المدرجة على جدول الأعمال تتعلق مباشرة بالتأزمات الراهنة في الجوار العربي، وتؤثر في استتاب السلام والاستقرار في الشرق الأوسط مثل الأحداث الجارية في سوريا والعراق واليمن وليبيا, إلا أن انشغال المنطقة بالمستجدات منذ مطلع القرن لم ينسِ أهلها وقادتها القضية الفلسطينية ومحاولة إسرائيل تغييبها عن ذاكرة العالم, وسنرى الإصرار على حل الدولتين وصد مساعي إسرائيل لجعل القدس عاصمة لها, واستلابها من هويتها الفلسطينية العربية التي تجمع الديانات الثلاث في تعايش ورقي. مداولات القمم القادمة تأتي في زمن مثقل بالمعاناة.. ولكنه أيضاً زمن واعد، إذ تتضح فيه الرؤية وتتفق على ضرورة تنسيق العمل معاً، عربياً وإقليمياً وعالمياً لوقف تآكل السلام والاستقرار في العالم. وبرغم الصخب والتصعيد القائم, واستماتة نظام الملالي ومواليه في ترسيخ حالة الفوضى والتشتت والضعف عربياً, وطموحات وأفعال إسرائيل الإجرامية التي لم تتوقف منذ زرعت في قلب المنطقة, إلا أننا نأمل بنجاح مساعي القمم القادمة, ونتفاءل بمحو ما حققته إيران وداعش وإسرائيل من تمدد إيديولوجي وجغرافي.