يوسف بن محمد العتيق
ألف ابن الأثر (وهو من علماء القرن السادس الهجري) كتابا أسماه النهاية في غريب الحديث والأثر، ومقصده غريب الحديث والأثر، الكلمات الغريبة وقليلة التداول في الحديث النبوي والآثار القديمة والتي تحتاج إلى شرح وتوضيح للقارىء، لذا جمعها في كتاب ليشرحها للناس، والشاهد ليس هنا، بل الشاهد أنه في مقدمته لهذا العمل الجبار ذكر أنه ليس أول من ألف كتابا في هذا الموضوع، بل سبقه فلان وفلان، وأثنى على عملهم وقال إن الفضل والتميز لمن يسبق في التأليف لأنه بدأ قبل الآخرين، فهو من شق لهم الطريق، والتمس لهم العذر لو فاتهم بعض الشيء من الكلمات والمعلومات.
تأملوا في هذه النفسية الجبارة والخلق الرفيع من المؤلف، فهو بدل أن يبدأ مقدمته بنقد الدراسات السابقة في هذا الموضوع، أخذ يثني عليهم ويعذرهم إن حصل أي تقصير منهم كونهم أول من سلك هذا الطريق في الكتابة والتأليف.
وهنا سؤال نواجه به أنفسنا جميعا... حين نطالع مقدمات بعض الكتاب الآن نجد أن المؤلف يثني على نفسه كثيراً وينتقد الدراسات السابقة ويتهمها بالتقصير... هل هذا من المنهجية العلمية وسلوك الباحث الرصين؟
بإمكانك نقد من سبقلك إذا تطلب المنهج العلمي ذلك لكن وفق ضوابط علمية، وفي الوقت نفسه تقدير أسبقيته في الكتابة في هذا الموضوع، ولا بأس بالنقد العلمي.