فهد بن جليد
إذا كانت وزارة التعليم تبحث فعلاً عن حل لظاهرة تمزيق الكُتب بعد انتهاء العام الدراسي والاختبارات النهائية، فلماذا لم تتحرك لمُعالجة الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة مُنذ أن شهدتها بعض المدارس في مواسم دراسية سابقة؟.
تبدو المسألة مُحيّرة وكأنَّ الوزارة وجدت نفسها أمام سلوك طلابي مُفاجئ - غير لائق - رغم تكرره كل عام، إلاّ أنَّه تسبب في إحراجها هذا العام بعد انتشار مقطع الكُتب المُمزقة بشكل غير مقبول، برأيي أنّ الوزارة كان يجب ألاّ تنتهج الحلول اللحظية المؤقتة في نهاية العام، فهناك حزمة خطوات عملية يجب القيام بها خلال العام الدراسي لعلاج المُشكلة التي تكررت سابقاً، لأنّ علاج آخر العام مهما كان قوياً وصارماً فلن يكون ناجعاً، نحن بحاجة خطوات أشمل مبنية على دراسات علمية ونفسية لبحث الظاهرة من كل زواياها الدينية والنفسية والتربوية والأسرية والاقتصادية؟!.
كل قائد مدرسة يتجرأ طلابه على تمزيق الكُتب المدرسية أمام باب مدرسته هو - برأيي - مُقصر ويجب مُحاسبته، ولكن الحظ العاثر لمن انتشرت مقاطع توثق سلوك طلابه، هو فقط من وجد نفسه في مرمى قرارات الوزير والوزارة، بينما نحن نحتاج مشروعاً شاملاً لعلاج هذا الفعل الجماعي الذي يقوم به مجموعة من الطلاب نتيجة تأثرهم - على ما يبدو - بسلوك مجموعة صغيرة من الأقران.
بالمُناسبة هذه ظاهرة عالمية ولا تخص طلابنا وحدهم، ولكن الحلول تختلف من ثقافة إلى أخرى تبعاً لعلاقة كل مجتمع مع الكتاب، وهي مسألة مُرتبطة بالأسرة والقراءة والاطلاع واحترام المؤسسة التعليمية، فهناك من يحتفظ بهذه الكتب كمراجع أو ذكريات، وهناك من ينتقم منها مع نهاية العام، بعض الثقافات نجحت في القضاء على هذا السلوك بوضع قوانين تربوية ومفاهيم وقواعد سلوكية تستمر مع الطالب طوال العام الدراسي، ثقافات أخرى وفرت بدائل للاحتفال والفرح بنهاية العام الدراسي، مع بدء الإجازة المدرسية وانتهاء مدة الاختبارات، بعيداً عن تمزيق الكُتب الذي هو أشبه بحالة عنف مكبوتة في نفوس بعض الطلاب على المدرسة والمعلم والمنهج، نتيجة قلة الوعي، أو فشل المنظومة التعليمية في القيام بواجبها، وهو ما جعلنا نتفاجأ نهاية كل عام بتمزيق الكُتب، الذي بدأ كحالة لدى طلاب المرحلة الثانوية أولاً - وبعد أن أغمضنا أعيننا لسنوات - وصلنا اليوم لبحث علاج مشكلة تمزيق الكتب من طلاب المرحلة الابتدائية.
وعلى دروب الخير نلتقي.