محمد آل الشيخ
أعلن الرئيس الأمريكي ترامب أن أولى زياراته الخارجية ستكون إلى المملكة. وهذا الخبر يحمل في ثناياه مؤشرات تؤكد أن الدبلوماسية الخارجية السعودية تعمل بحيوية وفاعلية ونجاح.
أن يعلن رئيس أقوى قوة على وجه الأرض بداية زياراته الخارجية إلى الرياض، يعني بالمختصر المفيد أن الرحلة التاريخية التي قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن بُعيد دخول الرئيس الجديد البيت الأبيض، قد أتت ثمارها، وهذا الإعلان قطافُ من قطافاتها.
زيارة ترامب تحمل مؤشرات في اتجاهات مختلفة، في مقدمتها إصلاح وترميم سياسات الرئيس الأمريكي أوباما التي أثرت وبشكل سلبي على العلاقات التاريخية بين المملكة وأمريكا، الأمر الذي يعطي الزيارة بهذه الصفة إصلاح تلك السياسات، سواء كان ذلك في الحقبة التي استلمت فيها دفة توجيه السياسة الأمريكية هيلاري كلينتون، أو وزير الخارجية الذي أتى بعدها؛ وقد أسهمت هذه السياسات مساهمة سلبية وفعالة في المساس بثوابت العلاقات السعودية الأمريكية الممتدة لأكثر من سبعين عاماً بين البلدين.
إيران ومعها أقزامها بعض العرب نزل عليهم هذا الخبر نزول الصاعقة، فهم يدركون أن هذه الزيارة، سيكون لها أقوى الأثر على التجاذبات الإقليمية في المنطقة، والتي من شأنها تقليم أظافر إيران، وتَحُد من عربداتها غير المسؤولة في المنطقة؛ خاصة أن العلاقات الإيرانية الروسية التي يتكئ عليها الإيرانيون تشهد هذه الأيام فتوراً غير مسبوق؛ ويبدو أن الروس أدركوا أخيراً أن التعامل مع عمائم الملالي في إيران ومحاباتهم قضية خاسرة، كما ستكلفهم على مستوى العالم، ناهيك عن المستوى الإقليمي، الكثير دون أن يكون ثمة مردود سياسي كافٍ لتلك التضحيات الروسية، واستنزاف مخزوناتها الاقتصادية والسياسية. هذا إضافة إلى أن هناك أصواتًا في إيران نفسها بدأت تطفو على السطح تتساءل عن جدوى هذا الاندفاع في بعثرة أموال الشعب الإيراني في (مغامرات) طائشة غير مضمونة المردود، ما يجعل هذه الزيارة تشكل ضغوطاً على سياسات الولي الفقيه التي بها تحكم إيران بشكل لا اعتقد أن الاقتصاد الإيراني المنهك والمتهالك قادر على تحملها.
في الرياض سيستضيف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان الرئيس الأمريكي إضافة إلى رؤساء الدول العربية، وكذلك عدد من الدول الإسلامية ذات الثقل الإسلامي السكاني، ولن تكون إيران حاضرة هذه الفاعلية السياسية فإيران جزء من مشكلة الإرهاب فكيف يكون لها دور في الحل، إضافة إلى أن استغلال الدين في الممارسات السياسية، هو السبب الرئيس الذي أوجد هذه الظاهرة التي هزت وما تزال استقرار العالم من أقصاه إلى أقصاه؛ والتأسلم السياسي أشعله أول ما أشعله (جماعة الأخوان المصريين)، والحركات المنبثقة عنها، هذا بالنسبة للإسلام السني، أما بالنسبة للشيعة فقد كان لجماعة الخميني القدح المعلى في إطلاقه وتكريسه؛ وما لم يحارب العالم بكل قوة وحزم تلك الظاهرتين، فلن تفلح أي جهود لاجتثاث الإرهاب من جذوره؛ ليس هذا فحسب، بل إن القادم من الأيام سيكون أدهى وأمر.
إلى اللقاء