د. خيرية السقاف
مع أن الناس هم الناس, بأجزاء أجسادهم المتماثلة, وتقاطيعهم المتشابهة, وملامح وجوههم المتقاربة, بألوانهم المختلفة, وأطوالهم المتباينة, بكل تفاصيلهم تقاربت أو اختلفت هم الناس,,
ذوو الأصوات, والأنفاس, والحواس!!
ذوو الإحساس, والأفعال, والأقوال!!
الذين يتحركون مشياً, والذين يهجعون نوما,
الذين يضحكون فرحاً, ويبكون حزنا,
الذين يصرخون ألماً, ويتباهون نعمة,
الذين يعرفونك فيقبلون, ويجهلونك فيمرون,
الذين في الجزْر يكابدون, وفي المد ينطلقون,
الذين مع الريح يطيرون, ومع النسيم يستقرون
لكنهم في كل التفاصيل يختلفون.
هذه المدن, والحي, والحارة, والبيت تتشكل بهم
تنطبع بخصائصهم, تبدو فعلهم الناطق, ووعيهم الظاهر, وحسهم النابض
موطئ أقدامهم بصماتهم, ومجال أنفاسهم أرواحهم
الغرابة حيث يختلفون, والغربة حيث يتنافرون, والألفة حيث يجتمعون, والدفء حيث يأتلفون, والصقيع حيث يتباعدون,
حيث يشعلون أصابعهم تُنسج لها بُسُطُها, وحيث يطفئون قلوبهم تتعرّى وجوهها..
تفاصيل الناس وحدها محك القبول والرفض, الجمال والقبح, الطمأنينة والقلق, السعادة والشقاء,
الألفة والنفور, السكون, والغربة, ..
وأنا الآن في احتواء مدينة أخرى, ذات أحياء أخرى, وشوارع غير, وأناس يتشابهون
أتفرس في التفاصيل, أتلمس النسيج,
أبحث عن مشكاة قلوب من فيها
لأتعرفها أكثر..!!