«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
يعتبر الدجاج أحد أهم الوجبات المرغوبة بالمملكة، فالطلب عليه يفوق اللحوم، وخاصة مع الأكلة الشعبية الأولى "الكبسة".. وتعتبر المملكة من أعلى دول العالم استهلاكاً للدجاج، حيث يبلغ متوسط استهلاك الفرد حوالي 50 كجم سنوياً. ويصل حجم استهلاك المملكة من الدجاج إلى حوالي 1.5 مليون طن سنوياً، بشكل يفوق مثيله في دول يبلغ عدد سكانها ثلاثة أضعاف المملكة. وتشير الأرقام التي نشرها تقرير حديث "التقرير السنوي لوزارة الزراعة الأمريكية والذي تعده السفارة الأمريكية بالرياض" إلى أن طاقة الإنتاج المحلي من الدواجن بالمملكة وصلت عام 2016 إلى 670 ألف طن تقريباً، أي أن المملكة تنتج حوالي 44.6 % من إجمالي حجم الاستهلاك المحلي البالغ "1.5 مليون طن".
ويؤكد التقرير، أن المملكة تستورد سنويا ما بين 800-900 ألف طن دواجن. ويلاحظ أنه رغم ارتفاع حجم الطاقات الإنتاجية المحلية من ما يقل عن 425 ألف طن في 2010 إلى حوالي 670 ألف طن في عام 2016، وفيما تشير التوقعات إلى أن هذه الطاقات من المرجح أن تصل حوالي 700 ألف طن سنوياً، إلا إنه مع كل ذلك، فإن الفارق بين الإنتاج المحلي والاستهلاك المحلي لا يزال يتزايد نتيجة عنصرين:
أولاً: الزيادة الكبيرة والمتسارعة في عدد السكان بالمملكة.
ثانياً: الارتفاع الآني في معدلات استهلاك الفرد من الدجاج بالمملكة.
احتكار القلة في سوق الدواجن
يتطور سوق الإنتاج المحلي للدواجن تطوراً بطيئاً نسبيا، حيث إنه على مدى الفترة 2010-2014، زاد عدد مزارع الدواجن من 363 مزرعة إلى حوالي 400 مزرعة، بمعدل نمو سنوي 2.5 %. إذا شئنا توصيف سوق الإنتاج المحلي للدواجن بالمملكة والذي ينتج الـ700 ألف طن بسوق احتكار القلة، حيث تسيطر عليه عدد قليل من الشركات لا يتجاوز نحو 12 شركة.. إلا إن هذه الشركات في حد ذاتها بينها احتكار وفوارق حجم كبيرة، حيث تسيطر ثلاثة على النسبة الأعلى من الإنتاج.
فرغم أن عدد مزارع الدواجن بالمملكة يناهز 400 مزرعة، إلا إنها جميعاً توصف بالصغيرة باستثناء هذه الـ 12، فالشركات الـ 12 تساهم بحوالي 80 % من سوق الإنتاج المحلي للدواجن.. أيضاً يتصف سوق الدواجن بالتركز الجغرافي للإنتاج، حيث إن القصيم وحدها تعتبر مسؤولة عن نسبة 30-35 % من الإنتاج المحلي. الأمر الذي يعطي ملامح لاحتياج استثماري هائل في المناطق الأخرى قليلة الإنتاج، وخاصة في ظل الطبيعة الإنتاجية التي توجب قرب الإنتاج من مناطق الاستهلاك، إذ إن نسبة الفاقد للنقل الحي تعتبر عالية للغاية، بل وتعتبر غير آمنة في ظل الانتشار المتكرر للفيروسات والأمراض الخاصة بأنفلونزا الطيور.
المبرد يفوز
لا يزال طلب الاستهلاك المحلي على الدواجن هو طلب على الدجاج المبرد أكثر منه مجمداً، لذلك، وبعد الانتشار الكبير لانفلونزا الطيور منذ سنوات ومع انتهاء سيطرة الدجاج الحي، انتشرت خطوط الإنتاج المبرد وقل الطلب تدريجياً على الدجاج المجمد.
هذا الطلب المبرد يعطي أولوية كبرى للاستثمار المحلي في سوق الدواجن، لصعوبة نقل المبرد من دول بعيدة، لذلك، فهناك فرص استثمارية سانحة بطبيعة وخصائص السوق الاستهلاكي للدجاج.
البرازيل الفائز الأكبر في سوق التصدير للمملكة
سنوياً يزداد حجم المستورد من الدواجن لتغطية عجز الإنتاج المحلي الذي يبدو أنه غير قادر حتى الآن لمواكبة طفرة الاستهلاك بالسوق المحلي. ومع ذلك، فقد بدت بوادر تراجع نسبي طفيف خلال العامين الأخيرين، حيث انخفض حجم المستورد من 959 ألف طن في 2015 إلى حوالي 940 ألف طن في عام 2016.
وإذا حسبنا الفروق بين الإنتاج المحلي والواردات سنجد فروقا غريبة وهي تمثل قيمة الصادرات من الدجاج السعودي، فالمملكة رغم أنها دولة مستوردة للدواجن، إلا إنها تسعى إلى تصدير كميات متزايدة من الدواجن، وصلت في بعض السنوات إلى حوالي 50 ألف طن.
وارتفاع أو انخفاض الطلب على الواردات لا يعود في حد ذاته إلى حجم الطلب الاستهلاكي، ولكن يرجع في جزء هام منه إلى المفاضلة بين سعر الدواجن في السوق المحلي وسعرها في السوق الخارجي، وخاصة أن هناك حلقة وسيطة بين السوقين وهو الوكيل أو المستورد الذي يفاضل لتحقيق مصلحته الخاصة.
وتسيطر البرازيل بالنسبة الأكبر في سوق الواردات من الدواجن بالمملكة، حيث وصل حجم واردات لحوم الدواجن من البرازيل وحدها إلى حوالي700 - 750 ألف طن.
الفرصة الاستثمارية المغيبة من أذهان المستثمرين
السؤال الأهم: لماذا هذا التجاهل لفرصة استثمارية وسوقية واستهلاكية كبيرة وهائلة ومضمونة؟ وتبعات وخصائص الاستهلاك يفضل الإنتاج المحلي على المستورد كثيراً وخاصة عندما نعلم بتفضيل الدجاج المبرد على المجمد وكذا نعلم بأنه يصعب نقله مبردا، فضلاً عن معرفة الارتفاع الكبير في أسعار لحوم الدواجن بالسوق العالمي.
إن المملكة ليست مؤهلة لكي تغطي عجز السوق المحلي ولكنها مؤهلة لكي تسيطر على أسواق التصدير لدول إقليمية وخليجية تشترك معها في الخصائص الاستهلاكية وتفضيل الدجاج كلحوم بيضاء على اللحوم الحمراء في كثير من السلوك الغذائي.