د. أحمد الفراج
يعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي، الإف بي آي، إحدى أبرز المؤسسات الأمنية في العالم، وهو مؤسسة تعنى بمكافحة الجرائم، ولهذه المؤسسة تاريخ عريق، إذ توظّف أبرز الكفاءات، وتستخدم التقنيات المعقدة والمتقدمة، ولهذا فهي تتدخل لمساعدة إدارات الشرطة، عندما تكون الجرائم على درجة عالية من التعقيد، ويعتبر السيد ادجار هوفر هو الأب الروحي لهذه المؤسسة، فهو مؤسسها الحقيقي، الذي تولى كبر تطويرها، وأدارها لمدة طويلة، بدأت منذ عام 1935 حتى وفاته في عام 1972، وقد خدم هوفر مع أبرز الرؤساء الأمريكيين، بدءاً من فرانكلين روزفلت، وانتهاءً بريتشارد نيكسون، ويمتلك هوفر شخصية جدلية، وقوية، علاوة على أنه حاد الطباع، ويؤكد المؤرِّخون على أن هوفر أدار هذه المؤسسة حتى وفاته، بسبب عجز الرؤساء عن استبداله، لأنه كان يملك وثائق لابتزازهم عند الضرورة!
خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، كانت الإف بي آي تحقق في استخدام المرشحة هيلاري كلينتون لبريدها الإلكتروني الشخصي في عملها الرسمي كوزيرة للخارجية، خلال فترة رئاسة أوباما الأولى، وقبل موعد الانتخابات بأيام، عقد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، مؤتمراً صحفياً، أعلن من خلاله أن لدى المكتب وثائق هامة، بخصوص قضية هيلاري، وأنه يتوجب على المحققين الاطلاع عليها، وكانت وزارة العدل، التي يتبع لها المكتب، قد نصحت كومي بأن لا يفعل ذلك، وهذا متوقع، لأن وزير العدل كان ديمقراطياً تم ترشيحه من قبل أوباما، ولم يستمع كومي للنصيحة، وبرر ذلك بأنه يخشى من ملاحقته قانونياً، في حال لم يعلن عن هذه المعلومات الجديدة بخصوص قضية هيلاري، ومع ذلك، فقد اتهمه الديمقراطيون بأنه جمهوري، تقصد فعل ذلك لخدمة المرشح الجمهوري ترمب!
انتهت الانتخابات بفوز ترمب، ولا تزال هيلاري تتهم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية بأنه وراء هزيمتها، وغني عن القول أن ترمب أشاد بمدير المكتب حينها، وقال إنه مهني، وفعل الشيء الصواب، ثم دخل ترمب البيت الأبيض، وبدأت الإف بي آي تحقيقاتها حول التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، ولا أحد يعلم أين وصلت التحقيقات، ثم قبل أيام، وبدون أي مقدمات، عزل الرئيس ترمب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، بناءً على توصية من وزارة العدل، وبرر ذلك بأنه لم يقم بمهامه كما ينبغي، بخصوص قضية هيلاري كلينتون، وبدا الأمر كما لو أن ترمب يعاقب مدير الإف بي آي بالعزل، لأنه لم يتعامل بإنصاف مع قضية هيلاري! وما زالت تبعات قرار ترمب المزلزل تتوالى، سواءً من قبل الديمقراطيين، أو الإعلام الأمريكي، المنحاز أصلاً ضد ترمب، وسنتوسع في الحديث عن ذلك في المقال القادم.