سلمان بن محمد العُمري
مع صدور التوجيهات السامية الكريمة بتقديم الاختبارات الدراسية، وتقديم موعد الإجازة الصيفية للطلاب والطالبات، سيشهد هذا العام الدراسي أطول إجازة صيفية في مسيرة التعليم، ستمتد لما يقرب من أربعة أشهر. ومن المؤكد أن المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات قد سعدوا بهذا القرار لأسباب عدة، أولها أن شهر رمضان المبارك لم يعد ضمن الجدول الزمني للفصل الدراسي؛ فلا دراسة ولا اختبارات؛ فحتى المعلمون والمعلمات سيودِّعون مدارسهم قبل بدء الشهر. والأمر الآخر في سعادتهم أن الإجازة ستكون طويلة للغاية.
والسعادة قبل هذا بالاستفادة التي يجب أن تكون متوازية مع هذه الإجازة؛ فتُستثمر الاستثمار الأمثل بأن يُشغل وقت الأبناء فيما يعود عليهم بالفائدة في دينهم ودنياهم في دورات تدريبية، أو مراكز تشغيلية؛ لتنمية مهاراتهم، وتطوير قدراتهم، وتعليمهم وتدريبهم بما يعود عليهم بالنفع لهم ولمجتمعهم، ولشغل وقت فراغهم لئلا يتم إشغالهم بأمور سلبية.
ما زلتُ أتذكر أن رجلاً تاجرًا، أصبح وأبناؤه من كبار رجال الأعمال، كيف كان يستثمر الإجازة في تعويد أبنائه على البيع والشراء، تارة بعربة صغيرة لبيع بعض الأشياء اليسيرة، وتارة بالعمل في محلهم، وأحيانًا يكلَّف بالعمل في محل جارهم، وابن الجار الآخر يعمل في محل غير محل والده؛ لتدريبهم وتعويدهم على البيع والشراء من أول السلَّم، وليس بمقام ابن التاجر. وهناك من يرسل الأبناء ليدرسوا اللغة الإنجليزية في الخارج، وغيرهم يلتحقون بالمراكز الصيفية التي كانت تشهد إقبالاً كبيرًا رغم قلة إمكاناتها.
ونحن نشهد ما يتعرض له شبابنا من حملات شعواء لجرهم للانحرافات الفكرية بين الغلو والجفاء، واستخدام وسائط التواصل والتقنية في ذلك؛ لذا فإننا أحوج ما نكون في هذا الوقت للمسارعة في التخطيط والتنفيذ لمشاريع صيفية، تشارك في تنفيذها وتغطيتها المؤسسات الحكومية والشركات الكبيرة، وتشمل التعليم والتدريب والترفيه والاستفادة من مرافق الأندية وبيوت الشباب والمدارس والجامعات، خاصة أننا - مع الأسف - نمتلك من المباني والمرافق العديدة التي لا يُستفاد منها إلا في فترات وجيزة.
أتمنى أن تبادر المؤسسات التعليمية والشبابية باستثمار أوقات الإجازة بمراكز تدريبية وتعليمية للبنين والبنات على حد سواء، تحتضنهم في الإجازة.. تعلمهم، وتدربهم، وتكتشفهم، وتنمي قدراتهم، وتشبع هواياتهم، وتثري معلوماتهم بكل ما هو مفيد.. وإلا فإن الفراغ الطويل قد يخلق لأبنائنا مشاكل اجتماعية وأمنية وفكرية.. ويجب أن نستفيد من الإجازة لئلا تكون مصدر قلق وإزعاج للبلاد والعباد. والواجب على الأهل أن يبادروا باستثمار الإجازة بما ينفع أبناءهم، وليسلموا من أعراض الفراغ السلبية.
قال الشاعر:
إن الشباب، والفراغ، والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة