مع دخول عدد من الفنادق العالمية السوق السعودية وتوفر فرص للعمل فيها في مختلف المجالات، توجه عدد من الشباب السعودي للعمل في هذه الفنادق في مهنة لم يعتد السعوديون على العمل فيها وهي مهنة «الشيف»، حيث التحقوا بدورات تدريبية من خلال معاهد متخصصة للتدريب السياحي ليلتحقوا فيما بعد بالعمل في الفنادق. وقد تميز عدد من هؤلاء الشباب بتفوقهم مما أهلهم إلى الفوز بجوائز التميز السياحي.
الشيف عبدالعزيز العويس
من أمثلة الشباب السعودي الذي توجه للعمل في مهنة الشيف الشاب عبدالعزيز بن عبدالرحمن العويس الذي يعمل شيفاً في فندق الشيراتون.
يحكي الشاب عبدالعزيز أنه ومنذ نعومة أظفاره يهوى الطبخ وإعداد الطعام، مشيراً إلى أنه لم يتوقع الالتحاق بوظيفة فندقية، وقال إنه قرأ إعلاناً بجريدة عن دورة تدريبية لمدة 6 شهور بمعهد تدريب سياحي، فتقدم لقسم فندقة تخصص إنتاج طعام الذي لم يتقدم لدراسته غير شاب واحد فقط غيره، وعندما تخرج كان تطبيقه العملي في فندق الشيراتون، ومع تخطيه ذلك بنجاح وجد فرصة للعمل واستمر في الفندق.
ولا يخفي العويس أنه مر بظروف صعبة في بداية عمله كـ»شيف»، على الرغم من أنه كان يعشق الطبخ، إلا أنه بمجرد دخوله للدراسة وكذلك العمل بالفندق زاد إعجابه بهذا المجال، ويقول: وجدت صعوبة كبيرة في مجال العمل بالبداية، فهناك فارق كبير بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي في إعداد الطعام، وخصوصاً من ناحية السرعة في التنفيذ وكذلك التعامل مع عدد من الجنسيات غير العربية الذين يعتمدون الإنجليزية تقريباً في تعاملاتهم، كما أنني السعودي الوحيد بالمطبخ، وبالطبع عانيت من الاندماج كثيراً لا سيما وأن ذلك كان أول عمل لي في حياتي ووقتها كنت لم أتجاوز العشرين من عمري، ولكن الحمدلله تغلبت على كل ذلك وأثبت نفسي في العمل حتى أن أخرج معهم في حفلات خارجية كبيرة وتدرجت في الوظائف، وبعد أن كان تخصصي طبخ عام عملت في المطبخ الإيطالي، رغم أن بعض الذين كنت أعمل معهم توقعوا ألا استمر واستغربوا وجود شاب سعودي معهم، ولكنهم وإدارة الفندق دعموني وساعدوني وصبروا عليّ كثيراً في البداية حتى أتعلم.
وعن تقبل المجتمع لعمله يقول: واجهت صعوبات في بداية عملي مع رفض بعض أصدقائي، الذين كانوا يقولون لي كيف تعمل طباخ؟.. وهي ليست مهنة رجال؟! وتلك هي ثقافة موجودة بالمجتمع من البعض، لم تجد أي تجاوب من ناحيتي، فيما كان البعض الآخر من الأصدقاء بالإضافة إلى الأهل رحبوا بالفكرة تماماً بل أنهم كانوا يدعمونني بقوة، وكان رأيهم أنني بالفعل يجب أن أعتمد على نفسي ولا أنتظر الوظيفة الحكومية، وما زاد من دعمهم استكمال دراستي في نفس الوقت بجانب العمل، فالكلية صباحاً والعمل بعد الظهر والمساء بالمنزل. واللافت في الأمر أن أصدقائي الذين كانوا يرفضون عملي في البداية تراجعوا عن أفكارهم خصوصاً مع نجاحي بالعمل والدراسة سوياً.
ماجد الدوسري
من جهته أوضح ماجد الدوسري مشرف أحد المطاعم بفندق برج رافال كمبنسيكي بمدينة الرياض، أنه بدأ مشواره مع العمل في المطاعم منذ ما يقارب 16 عاماً، حيث تدرج في العمل بجميع المهن بالمطاعم من كاشير إلى مساعد طاهي وصولاً إلى مشرف مطعم.
وأبان أنه كان يخجل في بداية عمله بالمطاعم أن يقابل أصدقائه أو أن يخبرهم بطبيعة عمله عندما يسألونه عن مهنته، حتى أنه لم يكن يخبر أسرته بعمله في البداية، حيث كانوا يرفضون عمله في المطاعم، مشيراً إلى أنه الآن يفتخر بعمله ونجاحه في هذا المجال مع دعم وترحيب أسرته.
وأشاد ماجد الدوسري الحاصل على جائزة أفضل مقدم خدمة مطعم في جوائز التميز السياحي السعودي 2016، بدور الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في دعم القطاع وتطوير السياحة كصناعة ولا سيما مع زيادة أعداد الفنادق بمناطق المملكة، داعياً الشباب السعودي للدخول في العمل بمجالات السياحة المختلفة، وذكر أن طبيعة العمل في السياحة يسهم في تأهيل وتطوير قدرات الشباب وإكسابهم خبرة عملية مميزة.
الشيف محمد السهلي
ويذكر الشاب محمد بن عبدالرزاق السهلي الذي يعمل شيف في فندق الماريوت، أن توجهه إلى هذه المهنة جاء عن طريق عدد من أصدقاءه الذي نصحه بالدخول في هذا العمل خصوصاً وأنه كان يعلم مدى حبه وتعلقه بالمطبخ، وبالفعل لم يكن الأمر في الحسبان ولكنه استجاب لدعوته في ظل دعم وتشجيع الأسرة، وتابع: ذهبت إلى فندق الماريوت بعد أن أنهيت دراستي الثانوية من أجل العمل، فاستقبلوني وساعدوني بصورة كبيرة في البداية، حيث دخلت تقريباً جميع الأقسام لأتعلم كل شيئاً، وكنت أظل في كل قسم فترة قصيرة لانتقل لقسم آخر، وبعد عمل وجهد متواصل تخصصت في قسم السلطات حتى وصلت حالياً إلى درجة الشيف المسؤول عن السلطات العربية بالفندق. وللعلم تعاملت خلالي عملي بالفندق طوال السنوات الأربع مع عدد من الجنسيات العربية والأجنبية، موجهاً شكره العميق للشيف حسان وردة برو رئيس الطهاة التنفيذي بالفندق الذي قدم له كل الدعم والتشجيع.
ويرى الشيف محمد أن تطوره ونجاحه في عمله كـ»شيف» دفع الكثير من أقاربه وأصدقائه إلى تغيير صورتهم عن مهنة الشيف، التي كانوا يرونها في البداية بشكل مختلف، بل إنهم كانوا يرفضون ذلك ويحرضونه في بداية عمله على ترك المهنة محذرين إياه بأن «الطبخ» لا يليق بالشاب السعودي، ولكن إصراره وصبره ومثابرته على تعلم المهنة والوصول إلى أعلى درجاتها الاحترافية كان هدفه الذي لم يحيد عنه، في ظل دعم والده ووالدته وبعض الأصدقاء والأهل ممن رحبوا بالفكرة تماماً، وكان رأيهم أنه بالفعل يجب أن يعتمد على نفسه ولا ينتظر الوظيفة الحكومية، وتحديه لرفض المجتمع لعمله وهي ثقافة موجودة بالمجتمع من البعض، ولكنها لم تجد أي تجاوب من ناحيته.
ويؤكد السهلي تفاؤله الشديد بالمستقبل، موضحاً أنه سيستمر في العمل بمهنة الشيف ليعطي كل وقته لمهنته التي يتشرف بها، وليتمكن من زيادة راتبه والوصول إلى أعلى المراتب الوظيفية في الفندق الذي بدأ مشواره المهني منه، وقال: تزوجت خلال فترة عملي بالفندق، وحالياً عندي ولد، وأعتقد بأن مهنة الشيف هي التي ساعدتني في الزواج وتكوين أسرة.
الشيف أنس آل سليم
يعمل الشاب السعودي أنس مبارك راشد آل سليم «23 عاماً» كـ»شيف» في أفخم فنادق العاصمة السعودية الرياض الفورسيزون، ويطبخ العديد من الأطعمة التي تلبي كل الأذواق، ولكن حلمه لم يتوقف عند هذا الحد، فهو يطمح بأن يتجاوز راتبه سقف الـ100 ألف دولار شهرياً، حيث يعتزم الدراسة خارج المملكة، وتحديداً في سويسرا، ويجد أن حلمه ليس مستحيلاً.
ويقول الشاب أنس: «طموحي لا حدود له، وما كنت أعانيه بالأمس من نظرة المجتمع والمقربين من عملي يتحول تدريجياً وهم يشاهدونني أرتقي السلم الوظيفي وأحقق أفضل المميزات المالية والإدارية، وعلى الرغم من عدم قناعة أفراد الأسرة في البداية، إلا أنني حاولت جاهداً إقناعهم بأهميتها وعائدها المالي ومستقبلها الوظيفي، وأمام طموحي قرروا دعمي والحمد لله».
وعن طبيعة عمله الحالية قال: «أعمل شيفاً مسؤولاً عن قسم الأكلات الساخنة والباردة، وأعمل على تحضير السلطات والسندويتشات لرواد الفندق والمطعم، وأشعر بالفخر وأنا أرى الزبائن يتلذذون بالتهام ما صنعته يداي».
وحصل الشيف أنس على جائزة التميز السياحي عن فرع «أفضل طاه شاب» من قبل هيئة السياحة، والتي قدمها له الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة.