فهد بن جليد
من حُسن الحظ أنَّ راتب (برج الجوزاء) يُصادف آخر يوم في شهر شعبان، الذي هو آخر موعد لانتهاء الاختبارات النهائية المدرسية, مما يُبشر بانخفاض مُعدل الشراء العشوائي الغذائي استعداداً لشهر رمضان، والذي يأتي عادة نتيجة وجود فُسحة زمنية شرائية واسعة, وتأثر الناس بالإعلانات الترويجية قبل دخول الشهر الفضيل، وهو ما يعني أنَّ ليلة رمضان هذا العام ستكون (الليلة التسويقية) المُرتقبة بامتياز, عندما يجتمع فيها تأثير الراتب الشهري على ميزانيات مُعظم البيوت، وانتهاء انشغال الأسر بالاختبارات المدرسية.
هذه حالة استثنائية نعيشها للمرة الأولى، على أصحاب القرار في البيوت الاستفادة منها، لتتم إعادة جدولة مُتطلبات مقاضي رمضان التقليدية، وتحديد الحاجة الحقيقية للكميات والأنواع المطلوبة، دون العودة للمُربع التقليدي الأول في أسلوب الشراء الرمضاني في الثقافة السعودية.
يُفترض أنَّ هناك أسراً سعودية ستستفيد من هذه الحالة، لتُعيد ترتيب أوراقها مع دخول أول ليالي الشهر الكريم بشراء ما تحتاجه فقط مع المُتغيرات الاقتصادية والزمنية، وهذا أمر جيد، وأتوقع أن يُقابل هذه الشريحة شريحة أخرى تنخرط في دوامة الشراء التقليدية، لأن رمضان بالنسبة لهؤلاء (ناقص) دون رؤية الكراتين والشحن الغذائية كالمُعتاد، أمَّا الشريحة الثالثة فأتوقع لجوءها إلى فائض الراتب هذا الشهر من (البدلات والميزات المالية) التي تم إعادتها إلى مُرتبات الموظفين، للاستعانة بها من أجل عمل موازنة واتزان بين الكُلفة والوقت..
برأيي أن كل شرائح المجتمع أعلاه عليها دور أخوي كبير، ومسؤولية تجاه شريحة أخيرة تعيش بيننا (بصمت)، كل ليلة رمضان من كل عام تترقب (راتب الجوزاء) دون أن يأتي، وتفرح بالاعتذار أمام صغارها بحجة الانشغال (بالاختبارات وغيرها) لتبرير ضيق الوقت وذات اليد معاً..
لنُفتش عن هؤلاء، حتى نعيش معهم رمضان قبل أن يبدأ، ونشعر به حقاً عندما يحل علينا ضيفاً كريماً، فلربما كانت هذه الأسرة تسكن بجوارك دون أن تنتبه، أو هو بيت أحد أقاربك دون أن تعلم، مثلما انتظرنا جميعاً حلول (برج الجوزاء) وانتهاء (فترة الاختبارات) التي حرمتنا لذة التسوق التي عشقناها لسنوات، لنتذكر من لم تأت (جوزاءهم) بعد، ولن تنتهي امتحاناتهم التي كتبها الله عليهم..
وعلى دروب الخير نلتقي.