محمد المنيف
الجميل فيما نراه من حراك نشط في الأوساط التشكيلية القابل للتجديد أنه حراك لا يقبل الديمومة على نمط واحد أو ثابت، بل يتقدم نحو التغيير الذي يحقق التطوير وإضافة الجديد؛ ما يتيح الفرصة للمتابعين الذين يمكن وصفهم بالمراقبين لكل ما يحدث لإيجاد الحلول، ولو عبر مراحل هادئة، قد لا تتضح سريعًا لكثرة وتنوع اجتهادات أدت إلى ما نراه من تشتت أو خلط يمكن وصفه بالإيجابي الذي يدفع أولئك المراقبين التشكيليين من نقاد أو أصحاب خبرات أكاديمية إلى معرفة الخطوات لتصحيح الأخطاء، وهي الطرق أو السبل الناجعة لتحقيق النجاح في كل عمل وفي أي تخصص من التخصصات التي يمارسها الأفراد والمؤسسات في أي مجتمع.
ومن ذلك ما يمر به الفن التشكيلي حاليًا من تعدد فرص العرض وتنوع المناسبات وبهذا الكم الكبير؛ ما جعل التشكيليين، وخصوصًا الشباب، في حيرة كما يقول المثل (خيروهم وحيروهم)، ودفع بهم للإسراع في إنجاز لوحاتهم؛ ما أدى إلى القفز على تجاربهم، وتخطي الكثير من المراحل المهمة في تنمية مهاراتهم واكتساب القدرات التي تمكّنهم من اختيار وقت عرض أعمالهم.. كل ذلك من أجل اللحاق بتلك الفرص، عكس ما مر به أجيال سابقة في هذا الفن من مراجعة للذات والتروي قبل أي مشاركة أو إقامة معرض.
هذا الواقع أو المخاض سيمر كما مر غيره من مراحل ترتفع فيها وتيرة الاندفاع والاقتراب من الفوضى إلى أن تصل إلى الهدوء والاستقرار؛ ولهذا فالأيام القادمة ستكشف الكثير من الحقائق التي أشرنا إليها في كثير من المقالات، وساهم فيها كتّاب تشكيليون في صحف أو مواقع التواصل، التي ألمحوا فيها إلى أن ما يشاهد من أعمال وأسماء ما زالت غضة الأنامل قليلة الخبرة أو فاقدة للموهبة، لن تستمر، وسيتوقف الكثير منها، وسيبقى من لديه الصبر والبحث عن تطوير إبداعه والارتقاء به من مرحلة العبث إلى مرحلة القناعة بأن الأمر ليس سهلاً لمن لا يرى الفن التشكيلي رسالة ورافدًا ثقافيًّا بعيدًا عن التسلية وأسلوب الارتجال وتقديم أعمال فنية لا تتجاوز اللحظة والانتشاء.