«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
استضافت حكومة المملكة العربية السعودية أمس الأربعاء 14 شعبان 1438هـ، الموافق 10 مايو 2017م، الاجتماع التمهيدي الخاص بالتعافي وإعادة الإعمار في اليمن، بحضور دولة رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد بن عبيد بن دغر؛ وذلك لهدف تبادل وجهات النظر واستعراض مدى استعداد الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المانحة للمشاركة في تقديم الدعم بما في ذلك الدعم المالي للشروع في عملية التعافي وإعادة الإعمار في اليمن.
وتتولى وزارة المالية في المملكة العربية السعودية بتوجيه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وبناءً على توصية من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد؛ قيادة وتنظيم هذا الاجتماع، الذي يُعد بداية إلى الدفع بالالتزامات الإقليمية والدولية للمشاركة في دعم عملية التعافي وإعادة الإعمار في اليمن على المديين القصير والمتوسط في إطار السياق الراهن للازمة وما بعد الأزمة.
وخلال افتتاح الاجتماع ألقى معالي الأستاذ محمد بن عبد الله الجدعان وزير المالية كلمة رحب فيها بالحضور، مثمناً التزامهم الجاد بالعمل لمساعدة الشعب اليمني في استعادة حياته الكريمة. وأشار معاليه إلى أن هذا الاجتماع يأتي تأكيداً للاتفاق الذي تم خلال الاجتماع التحضيري الذي جرى في العاصمة واشنطن، يوم 23 أبريل الشهر الماضي مع البنك الدولي، متطلعاً إلى أن ينتهي هذا الاجتماع إلى رؤية مشتركة حول ما يمكن القيام به للاستجابة الفورية لأزمة الأمن الغذائي في اليمن، ودور الدول والمنظمات في توفير الاحتياجات المهمة والضرورية للميزانية اليمنية على المدى القصير، وأن يتم وضع خارطة طريق مشتركة تُحقق أهداف الاجتماع بشأن أولويات احتياجات التعافي والتعمير على مدى الأجلين القصير والمتوسط. مؤكداً معاليه أن المطلوب تضافر الجهود الدولية، وبذل الدعم للمساعدة في تحسين حياة الشعب اليمني، التي تعاني منذ مدة طويلة جداً، بحيث لا تتوقف تلك الجهود عند الاستجابة للأزمات على المدى القصير فقط، إنما تتجاوزها إلى العمل الفعلي لمساعدة اليمن للتعافي من أزمته الحالية، والشروع في إعادة الإعمار كهدف رئيس لتحقيق الحياة الكريمة للشعب اليمني.
وذكر معالي الوزير الجدعان أن هناك مشروع خطة للتعافي وإعادة الإعمار في اليمن من قبل البنك الدولي سيتم عرضها خلال الاجتماع. متوقعاً أن يخرج هذا الاجتماع بتوجيه مشترك حول ما يمكن القيام به لتلبية احتياجات اليمن على المديين القصير والمتوسط. وأن تؤكد الدول المشاركة استعدادها تقديم الدعم المالي والفني لتعافي اليمن وإعادة الإعمار.
وهذا من شأنه أن يُعطي مؤشراً قوياً وإيجابياً للمجتمع الدولي، بما يشجعه على الوقوف بشكل موحد إلى جانب اليمن والبدء في الاستثمار من أجل مستقبله.
وأكد معاليه أن حكومة المملكة ستكون في طليعة المجتمعين الإقليمي والدولي لتقديم الدعم لليمن لتحقق الأهداف من أجل تعافي وإعادة الإعمار في اليمن.
عقب ذلك؛ ألقى الدكتور حافظ غانم نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال إفريقيا كلمة أعرب خلالها عن سعادته بالتزام المجتمع الدولي في دعم عملية التعافي وإعادة الإعمار في اليمن، كما أبدى استعداد البنك الدولي للشراكة مع الجميع من أجل تقديم الدعم والمساعدة للشعب اليمني.
تلا ذلك، ألقى معالي الدكتور محمد السعدي وزير التخطيط والتعاون الدولي في الجمهورية اليمنية، كلمة قدم شكره وتقديره للمملكة العربية السعودية حكومة وشعباً، ولكل المانحين الذين يقفون معه في هذه المرحلة الحساسة والمفصلية في حياة المجتمع اليمني وهو يخوض مع دول التحالف العربي بقيادة المملكة، معركة استعادة اليمن المخطوفة من قبل الانقلابيين الحوثيين واتباع النظام السابق.
وأوضح معاليه أن هذا الاجتماع ليس الا تعبيراً صادقاً عن وقوف المجتمع الإقليمي والدولي مع اليمن وتلبية الاحتياجات الطارئة الإنسانية والتنموية واستعادة التعافي الاقتصادي والمضي في برنامج إعادة الإعمار والتنمية.
وقال الدكتور السعدي: إن الوضع العام الأمني والسياسي والإنساني شهد تدهوراً غير مسبوق في كل الجوانب، فالنمو الاقتصادي انكمش بنحو 34 في المائة في عام 2015 وتوقفت كثير من الأنشطة الاقتصادية وارتفعت نسبة الفقر إلى أكثر من 60 في المائة من السكان، وبات نحو 16 مليون فرد يكابدون أوضاع الجوع والفقر، ويعاني أكثر من 50 في المائة من السكان من انعدام الأمن الغذائي، وغياب الخدمات الأساسية»، مبينًا أن 22 مليونًا من السكان بحاجة إلى مساعدة إنسانية، فضلاً عن نزوح أكثر من 3 ملايين فرد في الداخل والخارج.
وأفاد أنه نتيجة لحجم الخسائر والأضرار الاقتصادية والاجتماعية، تشكلت لجنة وزارية عليا لإعادة الاعمار وتم إعداد إطار عام لبرنامج الإعمار، بالتنسيق وبدعم من شركاء التنمية من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة والبنك الإسلامي للتنمية.
وأعرب معاليه عن تطلعه في المرحلة الحالية إلى دعم استثنائي من الشركاء الدوليين والإقليميين، والاستجابة الفورية للاحتياجات الإنسانية والتنموية العاجلة، لإعادة إعمار اليمن.
وأشار السعدي في كلمته إلى عدد من المبادرات لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وللبنك الدولي والبنك الإسلامي والاتحاد الأوروبي، التي لا يمكن حصرها، مقدمًا شكره وتقديره لهم.
تلا مراسم الافتتاح جلسات الاجتماع؛ حيث ناقشت الجلسة الأولى التي رأسها رئيس البنك الإسلامي للتنمية، الاستجابة الفورية للأزمة الغذائية، متناولةً ما يواجه اليمن من أزمة غذائية غير مسبوقة، مع مخاطر عالية للمجاعة، حيث يواجه نحو (65 في المائة) من السكان نقصاً حاداً في إمكانية الحصول على الغذاء.
بينما ناقشت الجلسة الثانية التي رأسها المدير العام الإقليمي في البنك الدولي أسعد علم الاحتياجات العاجلة لدعم الميزانية، متناولةً ما يعانيه اليمن من أزمة مالية جراء انهيار الإيرادات، كما أن العديد من الجهات الإدارية للدولة لا تقوم بالتوريد لإيراداتها، ومعظم الالتزامات الائتمانية الخارجية لليمن لم يتم الايفاء بها منذ مدة، وهناك حاجة ملحة لتقديم الدعم لتلبية الاحتياجات الرئيسة للميزانية بما في ذلك ضمان تغطية الالتزامات الخارجية لليمن.
أما الجلسة الثالثة التي رأسها معالي وزير المالية السعودي الأستاذ محمد الجدعان استعرضت مسودة خطة عمل التعافي وإعادة الإعمار في اليمن، والتي أكدت الحاجة الماسة إلى هذه الخطة، التي من شأنها أن تُحدد احتياجات الاستقرار الفوري، وأولويات الاستثمارات القصيرة والمتوسطة الأمد في مجالات البنية التحتية الأساسية، والاجتماعية والمادية في مختلف القطاعات، فضلاً عن جغرافيا السياسات ودعم الدولة لتولي واجباتها، ومن شأن الخطة أن تساعد على توفير إطار للسلطات اليمنية والشركاء الخارجيين لدعم التعافي وإعادة الإعمار.
واخُتتمت جلسات الاجتماع بالجلسة الرابعة، التي تناولت مؤشرات المانحين لتقديم الدعم المالي لليمن، ورأسها نائب رئيس مجموعة البنك الدولي، حيث تضمنت هذه الجلسة مداخلات المانحين، وآراء الدول والمنظمات الإقليمية والدولية المانحة بشأن أولويات واتجاهات الدعم المتوقع منها لليمن، وإبداء رغبتها في تقديم الدعم المالي.
الجدير بالذكر أن الاجتماع شارك فيه ممثلون رفيعو المستوى من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ودول مانحة أخرى تشمل مجموعة الدول الصناعية السبع، بالإضافة إلى ممثلين عن المؤسسات والهيئات المالية الاقليمية والدولية، بما فيها الصناديق التنموية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وصندوق النقد العربي، والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والبنك الاسلامي للتنمية. هذا وقد وجهت الدعوة إلى 64 بلداً وجهة مانحة لحضور الاجتماع.
هذا وقد أكد المشاركون في الاجتماع إدراكهم للتحديات التي يواجهها الشعب اليمني، وكفاحه من أجل بناء مستقبل أفضل، كما أكدوا دعمهم الكامل والتزامهم للمساعدة في بناء يمن مستقر ومزدهر.
المؤتمر الصحفي
عقب ذلك تحدث لوسائل الإعلام معالي وزير المالية الأستاذ محمد الجدعان ومعالي نائب رئيس البنك الدولي الدكتور حافظ غانم.
وقال الجدعان: أرحب بوسائل الإعلام، وقد ناقش الاجتماع الخطة الأولية التي أعدها البنك الدولي للتعافي وإعادة الإعمار في اليمن الشقيق وتم بحث العديد من الأمور على المدى القصير والمدى البعيد للتعامل مع الأوضاع الإنسانية في اليمن وآخرها المؤتمر الذي عقد في جنيف قبل عشرة أيام.. والذي أكد فيه المجتمع الدولي دعمه الكبير لليمن واجتماع اليوم هو اجتماع مختلف من نوع وهو التركيز على التعافي وإعادة الإعمار في اليمن.. ومن خلال ورقة العمل التي أعدها البنك الدولي وحضرها دولة رئيس الوزراء اليمني وعدد من المسؤولين اليمنيين.. بالإضافة إلى حضور 64 ممثلاً لعدد من دول العالم.. وقد ناقش المجتمعون عددًا من الملاحظات عن ورقة البنك الدولي وحاجات التنمية وإعادة الإعمار..
عقب ذلك عقَّب الدكتور حافظ غانم بأن البنك الدولي قد أعد خطة للاحتياجات العاجلة للأخوة في اليمن في الفترة المقبلة وقد نظرنا إلى ثلاث محاور مهمة على المدى القصير والمدى الطويل.. نحن في حاجة عاجلة لمعالجة أزمة الأمن الغذائي في اليمن من الحبوب والأرز واحتياجات الموازنة العامة للدولة في اليمن لتحقيق الحماية الاجتماعية للمناطق الأكثر تضرراً بالصراع في محافظات اليمن.. والورقة الثالثة إعادة الإعمار في اليمن.. ووضعنا الأولويات في الإعمار في مجال التعليم والصحة ومجال البنية التحتية خاصة المياه والكهرباء والمواصلات.. ونحن في البنك نقدر للمملكة دورها المهم في دعم اليمن في مشروعاته حيث نفذ البنك الدولي مشروعات حتى 30 يونيو بمبالغ بلغت 815 ملايين دولار.. وسوف نواصل دعمنا ومشروعاتنا ونحاول زيادة هذه المبالغ حتى نعيد العمل في اليمن وكفاءة هذه المشروعات.
وحول سؤال لـ(الجزيرة) عن حجم الحاجة للمبالغ التي سوف تعيد إعمار اليمن قال معالي وزير المالية الجدعان: الاجتماع اليوم لم يكن الهدف منه تحديد المبالغ المعينة، ما ناقشناه اليوم هو ورقة البنك الدولي التي حددت بعض التقديرات والمشاريع وما زلنا نتشاور مع الحكومة اليمنية وغيرها من الدول والمنظمات الدولية في الأمم المتحدة.
وما تم الاتفاق عليه اليوم هو عمل سريع وعاجل لتقديم ما يحتاجه أهل اليمن في الوقت الحاضر من خلال استيراد الأرز والقمح واقتراح البنك الدولي بإيجاد محفظة بمبلغ 500 مليون دولار لضمان الواردات من التجار اليمنيين.
وقد قدم البنك الدولي 200 مليون دولار واستعدت المملكة العربية السعودية بـ100 مليون دولار وبالتالي حصلنا على 60 في المائة من الصندوق المقترح لإعادة الإعمار والاحتياجات الاجتماعية ونتوقع أن تغطي النسبة الباقية خلال الأسبوع المقبل.
ورد الدكتور حافظ على سؤال حول حجم احتياجات اليمن عبر البنك الدولي قال البنك الدولي لم يحدد إلا الاحتياجات الضرورية في الوقت الحاضر ولكن أؤكد لكم بأن احتياجات اليمن كبيرة لأن اليمن أساساً يحتاج إلى بناء ومشاريع حيوية.
ونعتقد بأنه خلال السنوات المقبلة سوف تزيد هذه الاحتياجات.. لم نضع حتى الآن رقماً معيناً لاحتياجات اليمن.
وأوضح بأن ذلك العمل في اليمن لا يرتبط بنهاية الصراع بل علينا أن نبادر بالعمل في المناطق المحررة.. وهناك احتياجات كبيرة خصوصًا للأطفال المحتاجين للتطعيم وقد تم تموين 5 ملايين طفل في اليمن خلال هذا العام.. وعندما نعمل على إعادة الإعمار فهذا يعطي أملاً لليمنيين بأن الصراع سوف ينتهي.
وحول منح للبنك الدولي في اليمن أجاب د. حافظ: نحن حالياً نستخدم مؤسسات ما زالت تعمل في اليمن مثل الصندوق الاجتماعي واليونسيف ونحن نعرف جهودهم ومن خلالهم نقدم الدعم وهناك شراكة مع منظمات دولية للإشراف على هذه المشاريع.
وحول سؤال عن تعرض المساعدات للنهب وهل تم مناقشة ذلك في هذا الاجتماع أجاب الجدعان بالطبع ناقشنا ذلك وأهمية وصول هذه المساعدات وهدفنا أن هذه الإعانات تذهب لمستحقيها.
واختتم وزير المالية حديثه للصحفيين قائلاً: البنك الإسلامي للتنمية لديه أعمال جاهزة لليمن.. وإعادة بعض المرافق الصحية، وبشكل عام هناك عمل على الأرض لإعادة الإعمار.