علي الصحن
مر زمن طويل لم يشاهد فيه الهلاليون فريقهم كما يشاهدونه اليوم، يفوز ويتوج ويحتفل ويضرب في كل اتجاه، هلال اليوم هو الهلال الذي يريده الهلاليون، وهو الهلال الذي طالبوا به كثيراً، وهو الهلال الحقيقي، والامتداد الطبيعي للفريق الذي لا يعرف إلا القمة، ولا يعترف إلا بالأولوية، ولا يتوقف طموحه عند نقطة معينة.
هلال اليوم هو الهلال الذي يأتي للملعب تسبقه هيبته، ويأتي للملعب وهو المرشح الأول، ويأتي للملعب ولا يسأل أنصاره من سيلعب ومن سيغيب، هلال اليوم هو هلال المجموعة لا هلال الأسماء، وهلال الأفضل لا هلال المجاملات، وهلال اليوم يريده الهلاليون بداية لهلال أقوى وأكثر حضوراً، فالهلال كما يريده الهلاليون يعتبر كل خطوط النهاية انطلاقة جديدة لهدف مختلف.
في السنوات السابقة كان من المستحيل أن يواصل الفريق على نفس الخط، كان من المسلم به أن يتراجع الفريق ويقل عطاؤه بعد كل انتصار كبير، كان يحقق البطولة، لكنه في أول مباراة بعدها يتراجع، تحت ذريعة نشوة الإنجاز، لكن الأمر تغير اليوم، يحقق الفريق الفوز، فيردفه بآخر، يحقق البطولة، ويضرب بقوة بعدها، يأتي للملعب وهو المتوج، فيؤدي وكأنه يلعب مباراة خروج مغلوب، يسجل ويتقدم ويهاجم، وكل ذلك بلا شك نتاج عمل إداري وفني كبير، وهو ما يحسب للثنائي الأمير نواف بن سعد ورامون دياز.
جاء نواف بن سعد لرئاسة الهلال، وهو مثقل بتجربة وخبرات إدارية، ما بين عضوية الشرف، والعمل في المنتخبات السنية، وإدارة نادي الهلال، فقدم كل عصارة جهده لناديه، وعمل على خطين متوازيين، علاج أخطاء الماضي التي كان يعرفها وهو القريب من البيت الأزرق، والإعداد للحاضر والمستقبل، سانده في ذلك تناغم عمله مع الجميع، وقدرته على تجاوز العقبات بمهارة، وأن يفاجئ المنافسين بما يعتقدون أنه الخيار الأصعب، وأن يمسك زمام المبادرة، ويترك غيره في حيرة وحرج أيضاً، وتجلى ذلك في عدة مواقف، لكن حكاية الحكم الأجنبي هي الأكثر وضوحاً ونجاحاً.وساعد نواف بن سعد أيضاً، التفاف أعضاء الشرف حوله، في زمن عز فيه دعم الشرفيين في كثير من الأندية، وهو التفاف لم يبحث أي شرفي من خلاله عن بقعة ضوء أو عبارات مديح، بل هدف إلى أن تصب الأضواء كلها على الهلال، وهو ما تحقق في النهاية، فقد وقف الفريق أولاً، وضرب أرقامه بأرقامه، وترك للمنافسين الفرجة فقط.
وجاء رامون دياز للهلال بعد سلسلة متباينة، وخيارات غير مقنعة من المدربين، توالت بعد رحيل إيريك جريتس، كان الفريق كما عهده الجميع، يسجل حضوره وينافس ويحقق البطولات، لكنه لم يكن مقنعاً بما فيه الكفاية، والهلاليون يؤملون في دياز الكثير، بعد أن يكون هو صاحب الخيارات، وبعد أن عرف كل شيء في الفريق.
أفراح الهلاليين لا تعرف التوقف، وبوصلة بطولاتهم ليس لها اتجاه محدد، وهم يدركون أن المستقبل محفوف بالصعوبات، ويدركون أيضاً أن فريقهم بهذا الفكر، وبقليل من الإضافات، سيكون قادراً على الذهاب هناك...... إلى البعيد، وهو البعيد أصلاً عن منافسيه بأرقامه وتاريخه وشعبيته.
الرائد.. لوحة ولحن
وخامس الدوري
الإدارة فكر قبل أن تكون مالاً، بقليل من المال وكثير من الفكر ربما تحقق طموحاتك وزيادة، وفي ناد مثل الرائد عانى كثيراً خلال السنوات السابقة من نتائج لا تليق به ولا بتاريخه، كان في كل مرة أقرب إلى الهبوط، يحدث ذلك ويشكل ضغوطات نفسية هائلة على مدرجه الكبير، وبالكاد ينفذ بجلده في النهاية.
في الصيف الماضي، وبعد أن ثبت الرائد أقدامه في الممتاز عن طريق الملحق، وجد أهل الرائد أن ناديهم بحاجة إلى رجل خبير متمكن يعيد صياغة النادي من جديد، لم تكن المسألة هينة، كانت الظروف تحيط بالنادي العريق، إحاطة السوار بالمعصم، فمع شح الموارد في الأصل، كانت الديون تكبل النادي، وتزيد من معاناته، وصدود الرائدين عن تولي زمام قيادته.
وسط تلك الظروف كان الخبير عبدالعزيز التويجري خيار أحمر بريدة، ما كانت أنظار الرائديين لتخطئه عندما يتعلق الأمر بالحاجة إلى قيادي متمكن، وما كان الرجل قادراً على ترك محبوبه تذروه الرياح في مرحلة صعبة من تاريخه، لم يكن أمام العاشق إلا أن يلبي نداء معشوقه، ويأخذ يده في طريق صعب لتجاوز تحديات لا نهاية لها.
خمسة لاعبين فقط... هم العدد الموجود فقط، أي أن الرئيس الجديد يبدأ من الصفر، وأن عليه قبل أن يختار معاونيه، أن يختار لاعبيه، وأن يعزز الصفوف، والأمر ليس مجرد بضعة أسماء فقط، والوقت يضيق والموسم يقترب، وشارع الرائد يترقب، وينشد الحلول، ويتساءل عن أي مستقبل ينتظره.
وضع عبدالعزيز التويجري كل مشاغله جانباً، وانشغل بالرائد فقط، بدا للرائديين أن الرجل يطرز لهم نسيجاً مختلفاً، و يخلط الألوان ليرسم لوحة يتوقف عندها الجميع، بدا أنه يكتب نوتة لحن يطربون له كل جولة.
مرت الأيام... ووسط الظروف والتحديات، كان الرائد الذي طرزه رئيسه ورجاله، نسيجاً وحده، كان لوحة توقف الجميع عند جمالياتها، كان لحناً عذباً تراقص له المدرج الأحمر، كان الرائد الذي يوشك على الهبوط مواسم سابقة خامس الدوري.