«الجزيرة» - عوض مانع القحطاني:
عقدت مؤسسة الملك خالد في مقرها بمدينة الرياض، ملتقى «حوارات تنموية» في دورته السادسة بعنوان «الحماية الاجتماعية في سوق العمل»، لتناول التحديات التي يعانيها سوق العمل من منظور الحماية الاجتماعية ومناقشة البرامج والسياسات المعنية بتوفير الحماية والتغطية للعاملين عبر تحفيز فرص العمل اللائقة وبرامج دعم التوظيف وإعانة الباحثين عن عمل، وبحث توفير فرص العمل الكريمة والتدابير الوقائية الخاصة بحماية العامل في جميع مراحله الحياتية كباحث للعمل وكموظف وبعد انتهاء خدمته وعند تقاعده، لما لهذه المعطيات من انعكاسات على نمط حياة الأفراد واستقرار المجتمع ومتانته.
وتحدّث في الملتقى كل من الاستاذ أحمد الحميدان نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية، والدكتور عبدالرحمن العاصمي نائب وزير التعليم، والدكتور عبدالله العبداللطيف مستشار وزير العدل، والدكتور عبدالله الصغير نائب المحافظ للإستراتيجية والشراكات بهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والاستاذ نضال رضوان رئيس اللجنة التأسيسية لاتحاد اللجان العمالية، إضافة إلى عدد من الخبراء والمختصين.
وطرحت مؤسسة الملك خالد خلال الملتقى ورقة عامة أوضحت ضعف برامج التعليم والتدريب الموجهة للشباب السعودي، حيث إن 1 من كل 5 من الشباب بين سن (15 - 24) سنة خارج مقاعد العمل والتعليم والتدريب، ومعاناة سوق العمل السعودي من التوطين غير المنتج، حيث يتقاضى (45 في المائة) من السعوديين في القطاع الخاص راتب (3000) ريال، وهو الحد الأدنى لاستفادة أصحاب العمل من نقاط السعودة في برنامج نطاقات، مما يدل على التفريط الواضح في الموارد البشرية الوطنية.
وأشارت الورقة إلى ضعف تكافؤ الفرص بين الجنسين واستمرار وجود فجوة في الأجور بينهما حيث تضاعفت الفجوة ثلاث مرات من (324) ريالاً في عام 2014 إلى (1077) ريالاً عام 2016م؛ وبنسبة 332 في المائة، في حين تُعد الشابات السعوديات من (15 - 24 سنة) الفئة الأكثر تضررًا في سوق العمل، حيث بلغت نسبة عطالتهن (71.7 في المائة) ومشاركة المرأة السعودية بشكل عام في الوظائف المتوسطة والعليا ضعيفة بنسبة (22 في المائة) و(12 في المائة) في جميع المهن، ويصل معدل البطالة لدى النساء السعوديات (34.5 في المائة) مقارنة بـ(5.9 في المائة) للذكور السعوديين.
كما بيّنت الورقة التي قدمتها مؤسسة الملك خالد خلال الملتقى عدم وجود سياسة وطنية لربط التعليم بالعمل، حيث يعمل قطاع التعليم في المملكة من أجل التعليم فقط، وعلى الرغم من كل محاولات المواءمة بين مخرجات التعليم واحتياج سوق العمل، إلا أنه لم يُنظر إلى التعليم يومًا من أجل العمل أو الإنتاج.
وهذا ما زاد من تفكك منظومة العمل والتعليم والتدريب في المملكة، وأضعف التنسيق بينهما، وأدى إلى لجوء الجهات المختلفة إلى المبادرات الذاتية المحدودة لمواجهة أزمة المواءمة بين التعليم والعمل في المملكة، فضلاً عن غياب التشريعات التي تمنع بعض التجاوزات في سوق العمل والآليات البديلة لتسوية الخلافات.
وفي كلمة لها في بداية الملتقى أكَّدت صاحبة السمو الملكي الأميرة البندري بنت عبدالرحمن الفيصل المديرة العامة لمؤسسة الملك خالد أن المملكة شهدت تغييرات ملهمة طالت جميع مرافق الدولة بعد مرور عام من رؤية المملكة 2030 وأثّرت هذه التغييرات على نمط الحياة في المجتمع، مشيرة إلى اهتمام المؤسسة بحشد التأييد اللازم نحو المزيد من سياسات الحماية الاجتماعية لتأمين حياة كريمة للفرد السعودي.
وشدّدت الأميرة البندري على أهمية تمكين المواطنين من المشاركة الفاعلة والجادة في مجتمعهم ووطنهم وتوفير الحماية الاجتماعية والعدالة والشمولية لهم، وتناول القضايا التي يعاني منها سوق العمل في القطاع الخاص من زاوية مختلفة وغير تقليدية، مشيرة إلى معاناة سوق العمل في المملكة ومواجهته الكثير من التحديات، التي أدت إلى تضرر عدد كبير من العاملين به وفقًا للأرقام والإحصاءات الرسمية.
وانطلقت الجلسة الرئيسة بحديث معالي الاستاذ أحمد الحميدان نائب وزير العمل والتنمية الاجتماعية عن البطالة قبل 30 سنة وهو موضوع غير مطروق والخريجين يتجهون مباشرة للقطاع العام، حيث إن تنوع الاقتصاد تطلب عددًا كبيرًا من العمالة للمساهمة في النهضة التنموية، ولكن هذا النمو لم يتواكب مع سوق العمل ولم تنم بالشكل المأمول، بوصف العمل في القطاع الخاص مؤقتًا وليس دائمًا لكثير من السعوديين.
وأضاف أن من الأدوار الرئيسة التي تقوم بها وزارة العمل هيكلة السوق الحالية، هل هي قادرة على خلق فرص عمل أم لا، ومن خلال توفير الصحة والسلامة المهنية، حيث تعمل نسبة ضيئلة من السعوديين فيها، بوصفها قطاعًا غير جاذب لهم.
وقال: إن عدد المسجلين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية قفز من 700 ألف مواطن في 2011 إلى 1.8 مليون مواطن في 2015 وهذا نمو هائل، وتهدف الوزارة في خطة التحول الوطني 2020م إلى خلق فرص عمل لائقة للسعوديين عبر مبادرات خلق الوظائف في القطاع الخاص، وعبر التدخلات المباشرة من الوزارة في هيكلة الأجور.
وبيّن أن نظام «ساند» أسهم بشكل كبير في تحقيق الأمان الوظيفي للسعوديين، وأيضًا إن لم يعد خافيًا تسجيل سعوديين برواتب 3000 ريال لسعوديين في نظام التأمينات الاجتماعية لتقل نسبة التقاعد الـ 9 في المائة، وبالتالي فنظام حماية الأجور لتحديد العلاقة بين أصحاب العمل والعمال وكشف محاولة التحايل، مشيرًا إلى أن هيئة توليد الوظائف وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة مساندة الوزارة في إيجاد فرص العمل.
من جانبه قال الدكتور عبد الرحمن العاصمي نائب وزير التعليم أن الوزارة تسعى إلى تطوير برامجها باستمرار والدليل انتشار رقعة التعليم العالي في المحافظات والنسبة الكبرى من المقبولين هم في تخصصات يحتاجها سوق العمل مثل التخصصات الهندسية والصحية وإدارة الأعمال، مبينًا أن جامعاتنا السعودية تقدم نفس ما تقدمه الجامعات العالمية بنفس المبادرات والتأهيل والمهارات الأساسية للعمل.
وأضاف أن الجامعات تسعى إلى تطوير المخرجات ليس فقط عبر البرامج الأكاديمية ولكن عبر عديد من المجالات مثل الدورات التدريبية والأيام المهنة التي تقيمها أغلب الجامعات وأيضًا المهارات الأساسية والحياتية المهمة لتأهيل طالب العمل، مشيرًا إلى إطلاق مركز تطوير مهني يهدف إلى تطوير وتقييم البرامج التدريبية الحالية وسيكون نقلة نوعية حيث سيتم التدريب بطريقة احترافية.
بدوره أكَّد الدكتور عبدالله العبد اللطيف مستشار وزير العدل أن التعويض عن الفصل التعسفي غير واضح وأن المادة 77 قد تستغل من قبل بعض أرباب العمل بشكل سلبي ولكنها إيجابية لحماية سوق العمل، مشيرًا إلى وجود 25 مبادرة لدى وزارة العدل ضمن خطط التحول الوطني ورؤية 2030م ومن أهمها تصميم نموذج حديث للمحكمة العمالية، وإنشاء مركز التحكيم العمالي وهو أحد الأساليب الوقائية لحماية منسوبي العمل وهو جاهز للإطلاق.
وأضاف أن إدارات التسوية العمالية في مكاتب العمل حققت نتائج مبهرة حيث حققنا 65 في المائة من القضايا انتهت صلحًا، منوهًا إلى عام 1438هـ حقق أرقامًا كبيرة في عدد القضايا المنظورة في المحاكم التي بلغت حتى الآن 70 ألف قضية، وسبب التزايد في هذه الأرقام هو النظام الجديد الذي فضح التستر التجاري.
من جانبه أوضح الدكتور عبدالله الصغير نائب المحافظ للإستراتيجية والشراكات بهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة، أن هنالك توجهًا لدعم الأسر المنتجة لتحويلها إلى مؤسسات صغيرة قائمة بذاتها، حيث إنها تعد اليوم من البرامج متناهية الصغر ويدعمها بنك التنمية الاجتماعية.
وأضاف أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة يستوعب أكثر من 55 في المائة من القوى العاملة، وأن 19 في المائة من السعوديين يعملون حاليًا في القطاع، مقدمًا حلولاً لعدم استغلال ذوي الاحتياجات الخاصة مثل برامج العمل عن بعد والتجارة الإلكترونية وبرامج التمكين بضوابط محفزة فيها كثير من الفرص.
وبين أن ثقافة العمل الحر وريادة الأعمال بدأت بالانتشار ضاربًا المثل بعربات الغذاء المتنقلة التي أصبحت عامل جذب لكثير من السعوديين بدلاً من التوظف المطاعم، مشيرًا إلى أهمية دعم النساء في مشروعات ريادة الأعمال النسائية الذي تتبناه الهيئة، مؤكدًا على أن النسبة الحالية التي تشمل 18 في المائة من النساء يعملن في منشآت صغيرة تعد غير طموحة.