سعد بن عبدالقادر القويعي
معالي الأمور لا يبلغها إلا أصحاب العزائم القوية ممن يستثمرون الأوقات، ويملؤون الساعات بكل عمل جاد، ويقاسون المشقة للصعود في درجات الكمال، فالمكارم منوطة بالمكاره، وتحقيق المصالح لا تُنالُ إلا بحظٍّ من المكاره؛ لأن همتهم تحلق بهم دائماً؛ فتأمرهم بإنجاز كثير من الأعمال المتداخلة في وقت واحد. كما أن أصحاب الهمم يترفعون عن سفاسف الأمور، وإضاعة الأوقات، فهم من يعتمد عليهم، وتناط بهم الأمور الصعبة، وتوكل إليهم؛ لتسمو إليهم النهايات المشرقة من معالي الأمور.
عندما يترافق انتظام النتائج بعد الأسباب وفق سنن كونية دقيقة، ومقدمات مقننة، مع قوة دافعة تحرك الإرادة، وتوجهها إلى استخلاف الأرض، وعمارتها، وإلى بعث الهمة، وتحريكها، واستحثاثها للتنافس، ستمثل بيئة أكثر قابلية لبناء سياسي، واقتصادي، واجتماعي قوي، فصاحب الطموح -دائمًا- يتطلع للمعالي بقوة الإرادة، وتوافر العزيمة، والصبر، والالتزام، وانتهاز الفرص، والتأقلم مع كافة المتغيرات، والقدرة على الانسجام في البيئات المحيطة المختلفة.
أحسب، أن إنجازاتنا على خارطة العالم في وفق رؤية 2030، في -كافة- الأصعدة، والميادين، ذات أفق بعيد، وأبعاد عالمية متقدمة، تضمنت مفاهيم اقتصادية ستعود -جميعها- بالنفع، والخير على وطننا الغالي، ومواطنيه؛ ولأن الآمال لا تتحقق إلا بالعزيمة، والإصرار، فإن استثمار التغيرات الدائمة في البيئة المحيطة بشكل مبدع، كما عبّر عنه -الأمير -محمد بن سلمان بن عبدالعزيز- ولي ولي العهد السعودي -في لقائه مع- الكاتب الأمريكي -ديفيد إيغناتيوس، الذي امتد 90 دقيقة، كان محفزا للتغيير في المملكة النفطية المحافظة، ومجدولاً لأعماله نحو الإصلاح الاقتصادي، وخارطة السياسة الخارجية، وخطط خصخصة الشركة العملاقة في مجال النفط «أرامكو السعودية»، -إضافة- إلى إستراتيجية الاستثمار في الصناعات المحلية.
بقي أن يقال: إن الهمة العالية شرف، ومقصد، وجد، ونشاط في العمل؛ فتعلو أقدار أصحابها، وترتفع منازلهم، بحسن علو هممهم، وشريف مقاصدهم، وتسخير كل الإمكانات المتاحة لإنجازها، ومغالبة الأعذار، والعراقيل التي تعترض سبيلها. ومن ثم فإن السيادة المادية لا تعرف التراخي، والكسل، بل ضابطها الجدّ في السلوك، والنشاط في العمل؛ لأنها تعلو بالأمم إلى أعالي القمم، وتوصل إلى معالي الأمور، ومحاسن الشِّيَم. ومن لم يطلب الكمال في أهدافه بقي في النقص، ومن لم تكن له غاية سامية في أمانيه قصر في السعي، وتوانى في العمل.