يوسف المحيميد
لو استنفدنا الحبر وأعمدة الصحف في الكتابة عن سلوك الموطن والمقيم في قيادة المركبة لما استطعنا تدوين ما يحدث من مخالفات وتجاوزات، تودي سنويا بحياة المئات من الأبرياء، ومهما كتبنا وحذرنا لن نغير هذا السلوك، الذي يحتاج إلى رقابة وعقوبات صارمة وغرامات كبيرة، فضلا عن تربية النشء على احترام الآخرين والحرص على حياتهم وحياتنا، وذلك في تعزيز السلوك الحسن في مقررات مختلف صفوف التعليم العام، وحتى التعليم الجامعي!
من أغرب سلوكيات قائدي المركبات، تعطيل مهام إسعاف الطوارئ الذي يحمل مريضًا قد تنقذه دقيقة أو دقيقتان، أو سيارات الدفاع المدني التي قد ينقذ وصولها قبيل دقائق إنقاذ محتجزين من حريق، فالوقوف أمام هؤلاء بحجة الإشارة أو عدم مخالفة النظام أمر لا معنى له، والسلوك الأكثر غرابة هو أن يفسح لها الطريق، ومن ثم ملاحقتها بطريقة جنونية، إلى حد ارتكاب حوادث مع آخرين!
ورغم محاولتنا اليائسة في تنظيم السير أسوة بدول العالم، تم وضع الخط الأصفر المخصص لسيارات الطوارئ، من إسعاف وشرطة ودفاع مدني وخلافه، لكن عاشقي تجاوز الأنظمة وكسر القوانين يستخدمون هذه الطرق باستهتار، وبلا مبالاة، وكتبت أن الغرامات الكبيرة، ومنع هؤلاء من قيادة السيارة لبضعة أشهر، بسحب رخص القيادة منهم، ستجعلهم أكثر احتراما للنظام، أما وضع «المطبات» فلن يمنعهم، وفِي نفس الوقت يعيق حركة هذه المركبات التي تعمل في مهام إنسانية نبيلة، لا يدركها هؤلاء العابثون.
كل ملامح التطوير في مدننا، وانطلاق النقل العام بكافة أشكاله قريبًا، لن يمنحنا الصورة الجيدة أمام الآخرين كدولة متقدمة وحديثة، ولن يجعلنا نعيش في أمان، ما لم تكن أنظمة السير لدينا واضحة ومحددة، وعقوباتها صارمة، وسارية دونما تعطيل، خاصة فيما يتعلق بالمركبات التي لها علاقة بإنقاذ إنسان من الموت، وهذا لا يكفي، بل لابد من حملات إعلامية توعوية في الطرقات، وفِي وسائل الإعلام المقروء والمرئي والمسموع، وفِي مدارس التعليم العام، والجامعات، والشركات والعاملين في القطاع الخاص من المواطنين والمقيمين وغيرهم.
هذه الحملات يجب أن تقودها إدارات المرور، بالتعاون مع الدفاع المدني، والشرطة، وكافة القطاعات ذات العلاقة، يجب أن تكون حملات وطنية جادة لرفع الوعي الشعبي بأهمية احترام أنظمة المرور وقواعد السلامة.