م. عبدالعزيز بن محمد السحيباني
حيث إن تسييل الوادي بمياه الأمطار قد لايكون مضمونا إلا في حالة هطول الأمطار وقد لايتم تجميع الكميات اللازمة في مجمع الأودية لتسييل الوادي، فهناك آلية مرادفة وهي تسييل الوادي بمياه البحر المحلاة جزئيا حيث إن المطلوب لتسييل الوادي ليس مياها عذبة كمياه الشرب وقد يقول بعضهم لماذا لا يتم تسييل الوادي بمياه البحر المالحة والإجابة تقول: إن مياه البحر المالحة ستكون مكلفة في عمليات الضخ حيث تحتاج محطة الضخ الى تنظيف مستمر، وكذلك الأنابيب الناقلة وتكلفة التنظيف والصيانة ستكون مقاربة لتكلفة التحلية الجزئية، ويمكن الحصول على مياه محلاة جزئيا بتقنيات مختلفة أهمها التناضح العكسي وتقنية النانو التي تمكن من الحصول على أغشية تسمح بمرور المياه وتمنع مرور الأملاح مع عدم التصاق الاملاح على الاغشية وكل الأبحاث العلمية تبشر بإمكانية الحصول على تقنيات ذات تكلفة قليلة لتحلية مياه البحر خلال العشر سنوات القادمة مما يجعل استخدامها لأغراض الزراعة ذا جدوى اقتصادية ولكن إذا جعلنا الهدف من تسييل الوادي ذا أهداف متعددة مثل:
1) وضع محطة احتياطية لتحلية المياه للمنطقة الغربية والوسطى - هدف سياحي بإنشاء منطقة سياحية في أعالي وادي الرمة التي تميل للجو المعتدل صيفا-زيادة منسوب المياه الجوفية التي تنضب باستمرار في الدرع العربي.
2) الحصول على الأمن الغذائي بالزراعة على الوادي بعد تسييله.
من هذه الأهداف يمكن وضع آلية مقترحة لتسييل الوادي بمياه البحر المحلاة جزئيا: بإنشاء محطة لتحلية مياه البحر على البحر الأحمر شمالا من ينبع بطاقة إنتاجية لا تقل عن نصف مليون متر مكعب يوميا، وذلك بهدف أساسي أن تكون محطة تحلية احتياطية لتغذية المنطقة الغربية بالمياه في حالة تعطل إحدى وحدات التحلية المغذية للمنطقة الغربية حيث إن المياه يتم تحليتها أساسا تحليه 100% ثم تخلط معها مياه البحر المالحة لزيادة كميتها إلى الحد الذي يجعلها مناسبة للنقل والزراعة وبالتالي يمكن فصل الكميتين من المياه بسهولة (العذبة هي الاحتياطية).
وهدف فرعي وهو تسييل وادي الرمة ومن المعروف انه مادام ان هذه المحطة لاتغذي المدن والسكان في بقية ايام السنة التي لاتكون فيها تحت الاستخدام الطارئ) الذي يكون أياما معدودة في السنة تستحق انشاء محطة احتياطية فيمكن استخدامها لتسييل الوادي ومن المفارقات العجيبة ان (إنتاج مياه التحلية ليومين يكفي لتسييل وادي الرمة) حسب الابعاد المقترحة أعلاه في حالة عدم كفاية مياه السيول التي يتم تجميعها في (مجمع الأودية) وحسب السد المقترح أعلاه يتم تشغيل هذه المحطة وضخ مياه التحلية الى السد المقترح في (مجمع الأودية) ومن ثم ضخه مرة أخرى إلى السد المقترح في أعالي وادي الرمة عن طريق محطة الضخ الثابتة التي تم اقتراحها سابقا لتقوم بضخ المياه إلى أعالي وادي الرمة وتشغيل محطة التحلية بالطاقة المقترحة تكفي لتسييل الوادي بالأبعاد المقترحة في حالة استخدام مياه السيول ولنفس الفترة التكرارية (كل شهر) بل تكفي كل 18 يوما وإذا افترضنا ان نسبة الفاقد ستقل كلما أصبحت التربة مشبعة بالمياه وستقل في فصل الشتاء حتما فيمكن تسييل الوادي كل 3 أيام ومن الممكن تسييله بشكل يومي في حالة زيادة طاقة الضخ إلى مليون متر مكعب يوميا.
الجدوى الاقتصادية والسياحية للمشروع
المشروع المقترح روعي فيه التقليل من التكاليف ووجود عائد مادي واقتصادي وسياحي وبيئي، فقد يتصور بعضهم ان تكلفة التحلية عالية وهذا صحيح إذا قلنا: إن محطة التحلية بهدف تسييل الوادي ولكن الهدف الاساسي منها هو ان تكون محطة احتياطية تستخدم في حالة عطل المحطات المغذية للمنطقة الغربية أو إحداها لأي طارئ ومواجهة زيادة الطلب في مواسم الحج والعمرة ولا ضرر إذا تم تعطيل تسييل الوادي بهدف القضاء على ازمة المياه في المنطقة الغربية والتي تتكرر كل عام.
كما روعي في المشروع ان يتم تغطية حاجته من المياه بواسطة جمع مياه الأمطار الذي يتميز بفرصة كبيرة بسبب اجتماع الأودية من الشمال للجنوب والعكس متجه إلى منطقة قريبة من منابع وادي الرمة، وهذا أعطى ميزة وفرصة تحقق عالية لنجاح المشروع بواسطة مياه الأمطار فقط، وإن كانت نادرة. ويمكن تشغيل المشروع زراعيا وسياحيا كما يلي:
1 - أن يتم زراعة أشجار ذات قيمة اقتصادية عالية ولا تحتاج للسقي بشكل يومي وأرى ان هذه الميزة في أشجار النخيل والرمان ويمكن زرع كميات هائلة من النخيل تتجاوز 300.000 نخلة على ضفاف الوادي بعائد اقتصادي يقارب 100 مليون ريال سنويا خاصة اذا عرفنا جودة التمور التي تزرع في التربة الطينية والبركانية والتي تشرب من مياه السيول إضافة إلى أشجار الرمان التي تتوفر لها أحسن الظروف للزراعة في أعالي وادي الرمة ويمكن ان تكون مشروعا زراعيا كبيرا لزراعة الرمان الذي يعود بفائدة كبيرة على الوطن واقتصاده.
2 - يمكن أن يكون الوادي بعد تسييله مشروعا سياحيا كبيرا خاصة إذا عرفنا ان أعالي وادي الرمة تتميز باعتدال الجو صيفا وإذا أضيف لذلك مسطحات مائية ومساحات خضراء ومنتجعات سياحية واستراحات ومطاعم فسيدر دخلا كبيرا ويجذب أموال السياحة المهاجرة بالمليارات سنويا.
3 - المحافظة على بيئة وادي الرمة التي يهددها التصحر وزيادة منسوب المياه السطحية في الدرع العربي والتي نضبت بسبب الجفاف المستمر وصار غبارا يصل الى المدن.
هيئة استصلاح
حوض وادي الرمة
من هنا فإنني أقترح إنشاء هيئة مستقلة بمسمى هيئة استصلاح وادي الرمة يضع أسسها ويدرسها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية الذي يقوده سمو ولي ولي العهد الامير الهمام محمد بن سلمان حيث إن رؤية المملكة (2030) تحوي اهدافا هامة تنصب على رفع درجة المرافق الترفيهية ودعم الإنتاج الغذائي المحلي واستثمار إمكاناتنا وطاقاتنا وموقعنا الجغرافي وليس أهم من استثمار مياه الأمطار التي تضيع هباء بإنتاج غذائي وإيجاد مرافق سياحية والحفاظ على البيئة ومحاربة التصحر وتعدد مصادر الدخل وأن يتم من خلال هذه الهيئة انشاء دار لدراسات وادي الرمة تقوم بدراسة استصلاحه وتسييله بمياه الأمطار التي تضيع هباء بالقرب من منابعه لتصب في البحر الاحمر وتترك الوادي الخصيب الذي لا يوجد كتربته خصوبة ولا كهوائه متنفسا
كما يتم من خلال هذه الهيئة انشاء شركة استثمارية زراعية سياحية لوضع الخطط للزراعة المثمرة عليه وخاصة النخيل والرمان، ووضع المنتجعات السياحية والمطاعم حيث تتوفر المناظر الطبيعية والأجواء التي تميل للاعتدال صيفا.
أثق ان هناك عقبات وهناك من يتخيل صعوبة المهمة ولكن همم الرجال لن تقصر عن مثل هذا المشروع الوطني الهام في عهد سلمان العزم والحزم وبالرؤية الثاقبة للأمير محمد بن سلمان رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنموية الذي يقود بحكمة الرؤية الطموحة 2030 والتي ستنقل المملكة إلى دولة مزدهرة تستغل إمكاناتها التي حباها الله بها من جغرافيا متميزة وثروات كامنة.