د. خيرية السقاف
كأنّ السماء في الأمس بغيومها وشمسها, بشفقها وضبابها,
بتلك الطيوف للنجمات البعيدات يختلسن الإطلالة من بين هذه الكثافة البديعة في الفضاء,
في موكب واحد!..
كأنها معاً تربت على رؤوس البشر!..
كأنّ لهذا المزيج من الكائنات الباذخة الجمال حساً يرسل للصدور الغائمات وهجه الهادئ!..
كأنها تتضافر لصنع لحظات جمال يبهر الانتباه الموغل في الدكن لإنسان الأرض!..
كأنّ النفوس في حضرة موكب الجمال هذا تفضُّ عنه قيوده !..
كأنّ زخات المطر القادمة من بين سُجُفِها تسبق نزولاً من علوها لمواساته في الحزن من غفلة, والرّهق من فكرة, والحذر من صدمة, والتعب من كفاح, والألم من خيبة, والتوجُّس من غدر,
والجرح من فُجاءة !..
ففُجاءات البشر للبشر ليست في كل حالة على ما يتمنون !..
كأنّ الأمس استثناء في الأنواء !..
كأنّ النور والظلمة في وضح النهار
والغيم والوضوح في مقبل العصر
والنسمة الرطبة بعد ظهيرة ساخنة
هبة للإنسان كي يتأمل !!..
كي ينتقل من حالة زفْرٍ لأنفاس كالحة
إلى حالة استنشاقٍ لبهجة طارئة !..
سماء الرياض أمس كانت مضماراً للنقائض الخلابة !..
وميداناً للبصر يحرض الدهشة الكامنة, وتبعث السعادة الغامرة !..
سماء الرياض يوم الأمس حركت كل الساكنات في الأرض..
حوّلتها لبؤر استقطاب ماتع لمزيج من صور جميلة مبهرة
حلّت في الصدور انشراحاً, وفي النفوس بلسماً..
كأنّ مزيج جمال متناقضاتها إيقاع طارئ
أيقظ في الإنسان مزيجاً آخر من مخبوء لم يكن يعرفه في داخله
من الجمال الشبيه!!..