على الرغم من مضي أكثر من عامين على انطلاق عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن، إلا أن استراتيجية «النفس الطويل» التي تنتهجها قوات التحالف العربي في حربها على الانقلابيين هي من أبرز معالم هذه الحرب منذ بدايتها.
وقد أكد ذلك ولي ولي العهد وزير الدفاع، الأمير محمد بن سلمان، في لقائه التلفزيوني، الذي بيَّن فيه أن المملكة العربية السعودية مع قوات التحالف العربي تستخدم أسلوب «النفس الطويل» في حربها مع من اغتصبوا السلطة في اليمن، مبيناً في الوقت نفسه أن ذلك قد آتى أُكله؛ فالقوات الشرعية في اليمن أصبحت الآن تسيطر على 80 - 85 في المئة من أرض اليمن، ولم يتبقَ سوى 15 في المئة، وهو ما يعني أن النصر أصبح حليف قوات التحالف العربي، وان ساعة الحسم وهزيمة القوى الانقلابية باتت تلوح في الأفق، وهو مجرد وقت فقط حتى يتحقق ذلك.
وقد أتى هذا التصريح بمثابة «القشة التي قصمت ظهر البعير» على معنويات وخطط القوى الانقلابية والتي كانت قد اختارت خوض «حرب عصابات» ضد قوات التحالف العربي، حيث يُعدُّ هذا النوع أحد أشكال الحروب التي تلجأ إليها حركات التمرد والمليشيات غير الشرعية عند مواجهتها للقوات النظامية ذات الاستراتيجيات القوية عندما تعجز عن مواجهتها عسكريا، كونها قد تحقق لها ما لا تحققه الحرب التقليدية في محاولة إلحاق الخسائر بالقوات النظامية المقابلة لها دون تعرض قواتها للهزيمة أو التدمير الكامل. ولا يعد هذا النوع من الحروب حالة خاصة بحركة تمرد أو قوات شبه عسكرية معينة، بل أصبح نمطا متعارفا عليه يستخدم فيه تكتيكات يرجع زمنها للوراء آلاف السنين، حيث تعمد فيه «حرب العصابات» إلى تنفيذ شتى العمليات خصوصاً الكمائن والغارات المباغتة والهجوم المفاجئ على القوات المقابلة لها.
إن تطبيق استراتيجية «النفس الطويل» في تكتيك المعارك مع القوى الانقلابية اليمنية سيكون من شأنه تفويت الفرصة على العصابات المتمردة عن الشرعية، في محاولتها إلحاق الخسائر بصفوف قوات التحالف العربي، خاصة عندما يكون هدف الخطط العسكرية للتحالف هو إحراز النصر وإنهاء الحرب مبكراً، وذلك عند شنها هجمات متلاحقة على معاقل الانقلابيين ومطاردة فلولهم عبر التضاريس الصعبة في المناطق الجبلية، الذي تعمد العصابات إلى التحصن والاختفاء فيها وتخزين أسلحتها في تجاويف الكهوف والجبال. ليس هذا فقط، بل إن هذه الاستراتيجية ستتيح أيضاً لقوات التحالف العربي الوقت الكافي للتخطيط الدقيق وتقدير الموقف واختيار الزمان والمكان المناسبين لشن المعارك الفاصلة ضد قوات الانقلابيين، ومن ثم إحكام الحصار عليها وإلحاق الهزيمة بها بأقل الخسائر الممكنة.
وعلى الرغم من إعلان سموه في تصريحه عن قدرة المملكة العسكرية على حشد القوات البرية السعودية لاجتثاث الحوثيين والقوى المتمردة الأخرى معها وحسم المعركة لصالحها، إلا أنه بيّن ان الثمن لذلك سيكون باهظاً في المال والأنفس، لهذا فضل الجنوح إلى الاستمرار في توظيف عامل الوقت الذي يصب في مصلحة قوات التحالف العربي. وعلى النقيض، فإنَّ القوى الانقلابية كلما زاد أمد الحرب عليها، أصبحت تفقد الحاضنة الشعبية وتعاني من نقص في الإمداد والدعم والزيادة في الخسائر المادية والبشرية، خصوصاً إذا أحكم الحصار البحري عليها وانقطع الإمداد الإيراني عنها.
بهذه الاستراتيجية تستطيع قوى التحالف العربي أن توقف قدرة القوى الانقلابية، على توظيف عامل الوقت لصالحها قواتها، والذي يُعدُّ بمثابة العمود الفقري لنجاح استراتيجية «حرب العصابات» في قتالها لقوات التحالف العربي، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى استسلام القوى الانقلابية أو تجرُّع الهزيمة النكراء.
- اللواء/ د. عبدالعزيز عبدالله الأسمري